للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: قوله: لا خلق لله ولا فعل له في أفعال العباد، فنقول له: هذا غير مسلم بل أفعال العباد صفات لهم وأعراض فيهم، والله خالق للعباد ولصفاتهم وأعراضهم كما خلق ألوانهم وتركيبهم بدليل قوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (١) {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (٢) وقد مضى بيان ذلك وإبطال تأويل المخالف فيه (٣).

الفصل الثاني: قوله: إن العجز إنما يلحقه إذا لم يتم فعل نفسه ولا يلحقه إذا لم يتم فعل غيره، فنقول: هذا غير صحيح؛ لأنه ذكر ذلك على سبيل المدح لنفسه وأخبر بذلك عباده فلا يخرج شيء من إرادته عن امتداحه بتمامها (٤) ولا يقع خبره بخلاف مخبره كما لا يخرج عن علمه بقوله: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. وأما قوله: إنما يلحقه العجز إذا لم تتم إرادته من أفعالهم إذا أراد مغالبتهم، فأما ما (٥) إذا لم يرد مغالبتهم لم يلحقه عجز، فغير صحيح، ولو كان ذلك دليلاً على ما ذكرت لجاز أن يخرج شيء من الخلق أو من أفعالهم عن ملكه إذا لم يرد مغالبتهم، فلما لم يخرج شيء من الأشياء عن ملكه وسلطانه لم يجز أن يقع شيء في ملكه وسلطانه مما لا يريد وقوعه؛ لأن ذلك يلحقه الوصف بالعجز. ألا ترى أن الملك من العباد لأجل (٦) محله يلحقه النقص إذا وقع في ملكه وسلطانه شيء من الأمور بغير تدبيره وإرادته، فكيف مالك السموات والأرض (٧) وما فيهن؟!.


(١) الأنعام آية (١٠٢).
(٢) الصافات آية (٩٦).
(٣) تقدم بيان المصنف وإثباته لخلق الأفعال والرد على القدري في إنكاره ذلك في فصول عديدة ابتدأت من الفصل الثامن عشر حتى الفصل الأربعين.
(٤) وذلك في الآيات المتقدمة وهي قوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} {يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}.
(٥) في - ح- (فإذا لم يرد).
(٦) في - ح- (لأهل).
(٧) في - ح- (والأرضين).

<<  <  ج: ص:  >  >>