للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} (١)، فأنعم الله عليه بالإسلام وأنعم على النبي صلى الله عليه وسلم بالعتق (٢)، فأضاف الله الإنعام بالعتق إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كسبه ووقع بقدرة محدثة من الله فيه، وموضع الحجة لنا من الآيات (٣): أن الله أخبر أنه يسرهم لليسرى: أي للأمر السهل الذي لا يقدر عليه إلا المؤمنون، ويسرهم للعسرى والتيسير هو التهيئة، ومنه يقال يسرت الغنم للولادة إذا تهيأت لذلك وأنشد الفراء (٤):

هما سيدانا يزعمان وإنما … يسوداننا أن يَسَّرَتْ غنماهما (٥)

وقال الأعشى (٦):

ويَسًّر سهماً ذا غرار (٧) يسوقه … أَمِينُ القُوى (٨) في صلبة (٩) المتَرَنّم (١٠)


(١) الأحزاب آية (٣٧).
(٢) المنعم عليه بالعتق هو زيد بن حارثة - رضي الله عنه -. انظر: تفسير ابن جرير ٢٢/ ١٢.
(٣) في - ح- (الآية) ويقصد الآيات أو الفصل.
(٤) الفراء هو يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور أبو زكريا الفراء مولى بني أسد من أهل الكوفة، نزل بغداد قال الخطيب: كان ثقة إماما وكان يقال: النحو الفراء، والفراء أمير المؤمنين في النحو، وكان مؤدب ولدي مأمون توفي سنة (٢٠٧ هـ)، وعمره (٦٣ هـ) سنة. تاريخ بغداد ١٤/ ١٤٩ - ١٥٥.
(٥) انظر: معاني القرآن للفراء ٣/ ٢٧١، وذكره في اللسان ونسبه إلى أبي أسيدة الدبيري وذكر قبله بيتا وهو:
إن لنا شيخين لا ينفعاننا غنيين لا يجدي علينا غنماهما
انظر: لسان العرب ٦/ ٤٩٥٧.
(٦) هو ميمون بن قيس بن ثعلبة من بكر بن وائل كان أعشى العينين فلقب بالأعشى وذكر ابن هشام أنه خرج يريد الإسلام فقال أبياتا بمدح النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدم مكة أخبره القرشيون أن الإسلام يحرم الخمر، فقال: أنصرف وأتروى منها عامي هذا ثم آتيه فأسلم، فانصرف فمات من عامه.
وقد استنكر ابن كثير القصة؛ لأن تحريم الخمر لم يكن إلا في المدينة، ثم إنه أشار أبياته المذكورة في القصة أنه يقصد يثرب، والله أعلم. انظر: سيرة ابن هشام ٢/ ٢٦، البداية والنهاية ٣/ ١١١.
(٧) قال في اللسان: "الغرار حد الرمح والسيف والسهم، وقال: كل شيء له حد فحده غراره". اللسان ٥/ ٣٢٣٥.
(٨) أمين القوى: أراد به وتر السهم. انظر: حاشية الديوان ص ١٨٠.
(٩) في كلا النسختين (اضالة) والتصويب من ديوان الأعشى.
(١٠) المترنم من الترنم وهو صوت وتر القوس عند الرمي. انظر: اللسان ٣/ ١٧٤٦.
وهذا البيت من ضمن قصيدة طويلة يهجو بها الأعشى عمير بن عبد الله بن المنذر ابن عبدان. انظرها في ديونه ص ١٨٠ - ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>