للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب عنه من وجوه:

لأحدها: أن النقاش (١) قال: ليس بتهديد ولا أمر وإنما هو ذكر ما يفعله الشيطان مما لا يضر في الملك كقول القائل لمن قدر عليه: كدني بما قدرت.

والوجه الثاني: مما يدل على أنه ليس بتهديد أن التهديد الذي هو بصيغة الأمر هو ما يتبعه الوعيد من الله تعالى كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (٢)، وقوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً} (٣) الآية.

والثالث: أنه قال بعدها {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (٤) وهذا صيغته صيغة الخبر، والمراد به منع إبليس من عبادة الصالحين عن أن يستفزهم بصوته، أو يجلب عليهم بخيله ورجله ويشاركهم في الأموال والأولاد، فدل على أنه لم ينفعه من ذلك (٥) غير عباده الصالحين، بل أرسله عليهم ولم يعصمهم منه فيكون كقوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً}.


(١) هو محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي ثم البغدادي المقرئ المفسر ولد سنة (٢٦٦ هـ)، وهو مصنف كتابا شفاء الصدور في التفسير، وغريب القرآن وغيرها، قال الخطيب: "في أحاديثه مناكير بأسانيد مشهورة"، وقال الذهبي: "مع جلالته ونبله فهو متروك الحديث"، وقال اللالكائي: "تفسيره إشقاء الصدور لا شفاء الصدور" وذلك لكثرة ما يه من الموضوعات". توفي سنة (٣٥١ هـ). انظر: تاريخ بغداد ٢/ ٢٠١، تذكرة الحفاظ ٣/ ٩٠٨.
(٢) فصلت آية (٤٠).
(٣) الكهف آية (٢٩).
(٤) هكذا العبارة في كلا النسختين و (ذلك) زائدة هنا لا معنى لها والكلام لها والكلام يستقيم بدونها.
(٥) هكذا العبارة في كلاالنسختين و (ذلك) زائدة هنا لا معنى لها والكلام يستقيم بدونها.

<<  <  ج: ص:  >  >>