للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثلهما قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (١).


(١) الأحزاب آية (٣٦)، وقد تقدم في التعليق على الآية قبلها بيان أن هذه الآية لا تصلح دليلا لنفي المشيئة والاختيار عن الخلق، وقد تقدم إيراد المصنف - رحمه الله - أدلة كثيرة شرعية على إثبات المشيئة والإرادة لله خاصة وعامة، فالمشيئة الخاصة كقوله عزوجل في الهداية والإضلال {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} الأنعام آية (١٢٥)، وكقوله تعالى: {يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} المدثر آية (٣١). انظر: ذلك في فصل (٦٥ - ٦٦).
أما الآيات الدالة على إثبات المشيئة العامة لله عزوجل وأنه لا يخرج في هذا الكون شيء من مشيئته وإرادته فقوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّه} الكهف آية (٢٣ - ٢٤)، وقوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّه} الإنسان آية (٣٠)، ونحوها من الآيات، فهذا مثبت لما يتعلق بالله جل وعلا، أما ما يتعلق ببني آدم فقد دل الشرع والعقل على أن له إرادة واختيار فقال عزوجل: {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} الإسراء آية (١٩)، {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا} آل عمران آية (١٤٥)، {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ} التوبة آية (٣٢)، {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} الفرقان آية (٦٢)، {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَة} آل عمران آية (١٥٢)، {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وغيرها كثير. فإذا جمع المسلم بين هذه الآيات تبين له الحق وظهر، وهو أن الله له المشيئة التامة في الخلق، وأن الخلق لهم مشيئة وإرادة تابعة لمشيئة الله عزوجل وإرادته لأنه سيدهم وخالقهم وأمرهم بيده. وقد جاء في القرآن الكريم خبر ذلك وتأكيده فلا يسع المسلم رده لشبه ووساوس كما هو حال المعتزلة، فالأدلة المتقدمة كافية في بيان الحق في هذا الأمر بدون ذكر هذه الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>