للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يدخلهم جنته بغير تعريضهم لعصيانه ومخالفتهم أمره، فعلمنا بذلك أنه لا يجب عليه مراعاة الأصلح لهم.

ويقال للقدرية: أليس الحكيم منا لو دفع سيفاً إلى عبده فأمره أن يقتل به عدوه وأخبره ثقة لا يشك في صدقه أنه لا يقتل عدوه وإنما يقتل به ولده أو صديقه لا محالة أيخرج عن الحكمة بذلك أم لا؟ فلا بد من قوله نعم.

قلنا لهم: فإن الله سبحانه قد خلق الكفار وخلق فيهم قدرة وخلق سيوفاً ملَّكهم إياها وأمرهم بالإسلام وأن يقتلوا بتلك السيوف أعداءه الذين خالفوا أمره، وهو يعلم أنهم يكفرون به ويقتلون بها أنبياءه وأولياءه. أفيخرج بذلك عن الحكمة، فبطل بذلك أن حكمة الله جارية (١) على حكمة المخلوقين (٢).


(١) في الأصل (غير جارية) وفي - ح- كتبها مثل الأصل ثم طمس كلمة (غير) وهو الصواب لأن المراد بيان أن حكمة الله ليست جارية على حكمة المخلوقين كما هو قول المعتزلة.
(٢) هذا كلام صحيح من المصنف في أن هذا يدل على أن حكمة الله غير جارية على حكمة المخلوقين، ولو كان هذا تقرير المصنف لهذه المسألة لكان أخذ بالحق وترك الباطل، إلا أنه قرر أن الله لا يفعل لحكمة ولا غاية وهذا باطل كما تقدم، والمثال المذكور هنا لا يخرج فعل الله عن الحكمة، فإنه كما تقدم جعل الدنيا دار بلاء وامتحان وهو الطريق إلى الجنة، فناسبه التصارع فيها بين الحق وأهله والباطل وأهله، وقتال الكفار للمسلمين ومقاتلتهم لأولياء الله فيه حكم عظيمة من أظهرها أن فيه أموراً عظيمة ويحبها الله عزوجل، كالصبر وبذل النفس والمال في سبيله، كما أن في قتل المسلم بيد الكافر رفعة لمسلم عند الله عزوجل في الآخرة بحيث ينال به درجة لا ينالها بغيره، إلى غير ذلك من الحكم التي قد تظهر بعضها ويخفى على ابن آدم أكثرها لقلة علمه وإحاطته.

<<  <  ج: ص:  >  >>