للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو قدر لهم التوبة وتفضل عليهم بالتوفيق لها لتابوا، وأما قوله: إن اللام في قوله: {لِيَزْدَادُوا إِثْماً} أنها (١) لام العاقبة كقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} (٢) فغير صحيح؛ لأن الله قد علم أنهم لا يتوبون، وإنما علم أنهم يكفرون وليس كذلك التقاط آل فرعون لموسى - عليه السلام -، فإنهم لم يعلموا أنه يكون لهم عدوا وحزنا، وإنما قدروا في أنفسهم التقاطه ليكون لهم قرة أعينهم وقد علم الله أنه لا يكون لهم (٣) إلا عدواً وحزناً.

ويدل على صحة ما ذهبنا إليه قوله تعالى: {فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (٤)، وهذه لام كي تقديرها: إنما يريد الله تعذيبهم. وفي الآية تقديم وتقديرها: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة، وهذا قول أكثر المفسرين (٥).

وقال بعضهم: أراد إنما يريد الله ليعذبهم في الحياة الدنيا؛ لأنهم منافقون فهم ينفقون كارهين فيعذبون بما ينفقون (٦).

ويدل على صحة ما قلنا ما أخبر الله عن موسى صلى الله عليه وسلم أن قال: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ


(١) (أنها) ليست في - ح-.
(٢) القصص آية (٨).
(٣) في الأصل (له) وما أثبت من - ح- وهو الأصوب.
(٤) التوبة آية (٥٥).
(٥) ذكر هذا القول الطبري عن قتادة وابن عباس - رضي الله عنهما - وذكره القرطبي عن النحاس وقال: هو قول أكثر أهل العربية. تفسير ابن جرير ١٠/ ١٥٣، تفسير القرطبي ٨/ ١٦٤.
(٦) ذكر هذا القول القرطبي ولم يعزه إلى معين، وذكر ابن جرير عن الحسن نحوه حيث قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال: "يأخذ الزكاة والنفقة في سبيل الله تعالى" انتهى.
ورجح هذا القول الطبري واستحسنه ابن كثير والقرطبي. تفسير ابن جرير ١٠/ ١٥٣، تفسير ابن كثير ٢/ ٣٦٢، تفسير القرطبي ٨/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>