للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله ووطأتها الإبل في الطرق وقتلتها فإنه يجب على الله أن يبعثها في الآخرة على صورة يصل إليها الثواب ويجعلها في الجنة.

وهذا قول يرغب عنه كل عاقل، وقد ذكر المفسرون أن الله يحشر الطير وجميع البهائم ويقتص للجماء من ذات القرن ثم يقول اله لها كوني تراباً، فتعود تراباً، فعند ذلك يقول الكافر يا ليتني كنت تراباً (١).

والوجه الثاني: أن يقال إنكم اعترضتم على خصومكم وأنكرتم عليهم القول بأن الله يخلق في العباد أعمال الطاعات ويثيبهم عليها، فكيف ساغ لكم القول هاهنا بأن الله يخلق الآلام والآفات في الأطفال ويثيبهم على فعله بغير فعل منهم ولا كسب.

والوجه الثالث: أن يقال من صفات الله الكرم والأفضال، وكان قادراً على أن يجزل لهم العطية من غير أن يبتليهم بألم ولا آفة، ولا يلزم على ذلك الثواب على الأفعال في التكليف، فإن الثواب على ذلك عندنا على كسبهم الأعمال وعندكم على خلقهم الأعمال.

والجواب الرابع أن يقال: فما المعنى الذي اقتضى أن تكون هذه البهائم وهؤلاء الأطفال المخلوق فيهم الألم والآفة ليعتبر بذلك غيرها من المكلفين، وتكون المؤلمة هي المستحق للعوض، وما المانع أن تكون هي المستحقة للاعتبار بخلق الألم في المكلفين، ولم يخلق (٢) المكلفين بهائم وأطفالاً (٣)


(١) أخرج ابن جرير عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً "يقضي الله بين خلقه الجن والإنس والبهائم وإنه ليقيد يومئذ للجماء من القرناء حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى قال الله كونوا تراباً فعند ذلك يقول الكافر يا ليتني كنت تراباً". تفسير ابن جرير ٣٠/ ٢٦ وهذا الحديث قطعة من حديث الصور الطويل، وقد ذكره ابن كثير في النهاية وتكلم عليه فليراجع في ١/ ١٧٢ - ١٧٩.
(٢) في الأصل (ولم يخلق للمكلفين) وما أثبت من - ح- وهو أصوب لاستقامة العبارة.
(٣) في - ح- (ولا أطفالاً).

<<  <  ج: ص:  >  >>