للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كافراً فقال الرجل: يا أمير المؤمنين أليس بالمشيئة الأولى التي أنشأ بها وقوم خلقى حتى أنا أقوم وأفعل وأقبض وأبسط وأفعل ما أشاء، فقال له علي: إنك بعد في المشيئة، أما إني أسألك عن ثلاث فإن قلت في واحدة منهن لا، كفرت، وإن قلت: نعم فأنت أنت، فمد القوم أعناقهم ليسمعوا ما يقول، فقال له الرجل: هات يا أمير المؤمنين. فقال: علي - رضي الله عنه - أخبرني (١)، هل خلقك الله كما شاء أو كما شئت؟، قال: بل كما شاء، قال: فخلقك الله لما شاء أو لما شئت؟، فقال الرجل: بل لما شاء، فقال: هل تأتيه يوم القيامة بما شاء أو بما شئت؟، فقال: بل بما شاء، فقال له: قم فلا مشيئة لك" (٢).

وروي أن علياً - رضي الله عنه - خطب يوماً وذكر قاتله، فقال: ما يمنعه أن يقوم فيخضب هذه من هذا (٣) فقالوا (٤): يا أمير المؤمنين أما إذ عرفته فأرناه نفعل به كذا، فامتنع، قالوا: فما تقول لربك إذا قدمت عليه (٥) قال: "أقول وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم حتى توفيتني، وهم عبادك إن شئت أصلحتهم وإن شئت أفسدتهم" (٦)، وهذا كله يبطل القدرية.


(١) (أخبرني) ليست في - ح-.
(٢) أخرج الآجري في الشريعة ص ٢٠٢ - ٢٠٤ هذا الأثر إلا أنه لم يذكر فيه صدر الرواية إلى قوله … (أسلم صاحبكم بعد أن كافراً). والمراد بالمشيئة المنفية هنا في قوله: "قم فلا مشيئة لك" مشيئة مستقلة عن مشيئة الله لأن الله أثبت للإنسان مشيئة في قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}.
(٣) المراد بقوله (فيخضب هذه من هذا) أي يخضب لحيته من دم رأسه كما جاء مصرحاً به في إحدى الروايات عند ابن سعد في الطبقات ٣/ ٣٤.
(٤) في الأصل (فقال) وما أثبت من - ح- وهو يوافق ما عند اللالكائي.
(٥) هكذا في النسختين ويوجد هنا سقط لا يتضح الخير إلا به وهو أنهم قالوا له: "استخلف علينا، قال لا، ولكن أترككم إلى ما تركتم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا فما تقول لربك … " الخ.
(٦) أخرجه اللالكائي في السنة ٤/ ٦٦٤، وابن سعد في الطبقات ٣/ ٣٤، وإسناد هذه الرواية فيه عبد الله بن سبع، قال عنه ابن حجر: مقبول. التقريب ص ١٧٥.
وقد أخرج ابن سعد في الطبقات عن علي - رضي الله عنه - في إثبات أنه كان يعلم أنه سيقتل ومكان مقتله عدة روايات بأسانيدة جيدة، وفي إحدى الروايات صرح علي - رضي الله عنه - أن مقتله بهذه الصفة عهد النبي صلى الله عليه وسلم إليه، مما يدل أنه صلى الله عليه وسلم أخبره بذلك. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>