للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قليل فرحه شديد غمه، ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بكينا لبكائه قيل يا رسول الله: ما هذا البكاء، قال رحمة لهم الأشقياء، إن فيهم المجتهد وفيهم المتعبد وليسوا بأول من سبق إلى هذا القول وضاق بحمله ذرعاً. إن عامة من هلك من بني إسرائيل هلك بالتكذيب بالقدر، قيل يا رسول الله: فما الإيمان بالقدر؟، قال: أن تؤمن بالله وحده وتؤمن بالجنة والنار، وتعلم أن الله خلقهما قبل خلق الخلق، ثم خلق الخلق لهما، ثم جعل من شاء منهم للجنة، وجعل من شاء منهم للنار، وكل من يعمل على أمر قد فرغ منه وصائر لما خلق له" (١).

وروي أن عيسى بن مريم لقي إبليس فقال له عيسى: "أما علمت ألا يصيبك إلا ما قدر لك، فقال إبليس: فأوف (٢) بذروة هذا الجبل فترد منه، فقال: إن العبد لا يبتلي ربه ولكن الله يبتلي عبده فخصمه" (٣).

روى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "قد مر رجل (٤) بمكة في أول الإسلام وكان من أزد شنوءة، وكان يرقي من هذا الريح، فأبصر سفهاء من الناس ينادون النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون: مجنون، فقال: لو لقيت هذا الرجل، فلقيه فقال: يا محمد إني رجل إذا رقيت من هذه الريح يشفي الله على يدي


(١) أخرجه اللالكائي في السنة ٤/ ٦١٧، والآجري في الشريعة ١٩٢ - ١٩٣، والطبراني في الكبير ٤/ ٢٤٥ كلهم من طريقين، الرواية الأولى من طريق ابن لهيعة عن عمرو ابن شعيب، وفي رواية ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب كلام للعلماء في أنه لم يسمع منه. انظر: التهذيب ٥/ ٣٤٧، وقال ابن أبي حاتم في علل الحديث بعد أن ذكر هذه الرواية: "سمعت أبي يقول هذا حديث عندي موضوع". علل الحديث ٢/ ٤٣٤، والرواية الأخرى من طريق عطية عن عطاء بن أبي رباح عن عمرو بن شعيب قال الذهبي في الميزان ٣/ ٨٠: "عطية بن عطية عن عطائ لا يعرف وأتى بخبر موضوع طويل"، قلت: فلعله يعني هذا الحديث.
(٢) في - ح- (قف) وفي الأصل كأنها ها، قف) وهي في مصادر الرواية كما أثبت.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ١١/ ١١٣، واللالكائي في السنة ٤/ ٦١٩ كلهم عن ابن طاووس عن أبيه. وروى نحوه أبو نعيم في الحلية ٤/ ٥٢، عن وهب بن منبه.
(٤) الرجل هو ضماد الأزدي كما صرح بذلك مسلم والإمام أحمد في المسند.

<<  <  ج: ص:  >  >>