(٢) هود آية (٣٧). (٣) أثبت المصنف بهذه الآيات أن الله جل وعلا يوصف بأن له عيناً، وقد ذكر هذه الصفة لله عزوجل السلف - رحمهم الله - واستدلوا لها بالآيات المذكورة هنا وبقوله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} طه آية (٣٩)، وبقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوماً بين ظهراني الناس المسيح الدجال فقال: "إن الله ليس بأعور إلا أن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية" أخرجه خ. كتاب الأنبياء ٤/ ١٣٣، م. كتاب الإيمان ١/ ١٥٥، وأنكر ذلك المعطلة من الجهمية ومن تابعهم، وزعموا أن المراد بالعين في الآيات، إما العلم كما قال بذلك القاضي عبد الجبار، أو الحفظ والرعاية كما هو قول الجويني في الأرشاد، فردوا هذه الصفة وعطلوا الله عزوجل. انظر: قول السلف في هذه الصفات في: التوحيد لابن خزيمة ص ١٠ - ١٨، ٤٢، ٤٣، ٥٣ - ٧٦، شرح السنة للالكائي ٣/ ٤١٢ - ٤٢٩، رد الدارمي على بشر المريس ص ٤٨، ١٥٤ - ١٦٢، العقيدة الواسطية ضمن عقائد مجموع الفتاوى ٣/ ١٣٣، وانظر: قول المعطلة في شرح الأصول الخمسة ص ٢٢٧ - ٢٢٨، الإرشاد للجويني ص ١٤٦ - ١٤٨، المواقف للأيجي ص ٢٩٨، أصول الدين للبغدادي ص ١٠٩ - ١١٢. (٤) أخرجه خ. كتاب الاستئذان (ب. يد والسلام) ٨/ ٤٣، م. كتاب الجنة وصفة نعيمها (ب. يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير) ٤/ ٢١٨٣، حم. ٣١٥. (٥) أورد المصنف - رحمه الله - هذا الحديث وحديث أبي هريرة وابن عمر بعد الحديث الآتي، وإيراده لهذه الأحاديث هنا يثبت أنه يستدل بها على إثبات الصورة لله عزوجل، وأن ابن آدم خلق على صورة الرحمن جل وعلا كما ورد ذلك مصرحاً به في رواية ابن عمر: "لا تقبحوا الوجه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن" وسيأتي تخريجها وقد صحح هذه الرواية الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه. قال القاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات ورقة ٤٨/أ قال أحمد في رواية ابن منصور: "لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورته" صحيح. وقال في ورقة ٥٤/ب وقد ذكر عبد الرحمن بن مندة في كتاب الإسلام فقال: قال أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فراس في كتابه عن حمدان بن علي قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول وسأله رجل فقال: يا أبا عبد الله الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق آدم على صورته" على صورة آدم، فقال أحمد بن حنبل: "فأين الذي يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق آدم على صورة الرحمن عزوجل " ثم قال أحمد: "وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلق الخلق". وقال في ورقة ٤٨/أ وقد روى عبد الله بن مندة بإسناده عن إسحاق بن راهويه قال: "قد صح عن رسول الله صلى اله عليه وسلم أنه قال: "إن آدم خلق على صورة الرحمن" وإنما علينا أن ننطق به" انتهى. ونقل الآجري في الشريعة ص ٣٠٧ تصحيح الإمام أحمد وإسحاق للحديث، وصحح الحديث شيخ الإسلام ابن تيمية وانتصر له، وقال الحافظ في الفتح ٥/ ١٨٣ عن إسناد الحديث: "رجاله ثقات". وقال شيخ الإسلام في رده على الرازي في تأويله للحديث: "لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد إلى الله فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك". انظر: نقض تأسيس الجهمية مخطوط في مكتبة الشيخ حماد الأنصاري ورقة ٥٧/ب من القسم الأول، ج ٣، وهو غيرموجود في المطبوع ونقل اكثره الشيخ حمود التويجري في كتابه (عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن) من ص ٤٨. قال ابن حجر في الفتح في معرض الأقوال في مرجع الضمير في الحديث السابق: "وقيل المراد بالصورة الصفة. والمعنى أن الله خلقه على صفته من العلم والحياة والسمع والبصر وغير ذلك وإ كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شيء". الفتح ١١/ ٣. والناظر في كتب الأئمة التي ألفوها لبيان صفات الله عزوجل وما يستحقه جل وعلا من نعوت الجلال والكمال يجد أكثرهم أورد هذه الأحاديث. فقد أوردها ابن أبي عاصم في السنة، والآجري في الشريعة، واللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة، والدارقطني في الصفاتن وعبد الله ابن الإمام أحمد في السنة، ولا معنى لإيرادهم لهذه الأحاديث إلا إثباتهم لمدلولها، وهو أن الله يوصف بأن له صورة جل وعلا لا كالصور، وأن ابن آدم خلق على صورة الرحمن عزوجل، إذ ليس في هذه الأحاديث مما يتعلق بصفات الله عزوجل إلا هذين المدلولين، وهو أئمة ناقدون بصيرون متبوعون، فلو كان لهم فيها رأي أو قول يخالف مدلولها أو شك في صحتها لبينوه ما فعل ذلك ابن خزيمة - رحمه الله - فإنه أنكر أن يكون ابن آدم خلق على صورة الرحمن في كتابه التوحيد ص ٣٧ وأعل الحديث وذكر أيضاً له تأويلات فيما لو ثبت. كما أوله أيضاً من الأئمة محمد بن إسحاق بن مندة في كتابه التوحيد ومعرفة أسماء الله عزوجل وصفاته على الاتفاق والتفرد ص ٢٢٢ - ٢٢٤، وهذا الإنكار والتأويل من الإمام ابن خزيمة - رحمه الله- لم يقبله كثير من العلماء واعتبروه زلة من هذا الإمام، ومما ذكر في هذا ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في نقض تأسيس الجهمية ورقة ٦٠/ب من القسم الأول ح (٣). قال: "وقد ذكر الحافظ أبو موسى المديني فيما جمعه من مناقب الإمام الملقب بقوام السنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد التيمي صاحب كتاب "الترغيب والترهيب" قال: سمعته يقول: "أخطأ محمد بن إسحاق بن خزيمة في حديث الصورة ولا يطعن عليه بذلك بل لا يؤخذ عنه هذا فحسب" وانظره في عقيدة أهل الإيمان للتويجري ص ٦١. كما أوله أيضاً المعطلة بسائر طوائفهم من الجهمية والمعتزلة والأشعرية وذكروا له تأويلات عديدة ذكرها القاضي أبو يعلى في إبطال التأولات لأخبار الصفات ورقة ٤٦/? -٦٢/ب ورد عليها أيضاً. وذكرها أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية عن الرازي وغيره ورد عليها في ٣٣ ورقة في كتابه نقض تأسيس الجهمية من ورقة ٥٦/أ إلى ٨٩/أ من القسم الأول ج (٣). وكتب في هذا الحديث شيخنا حماد الأنصاري مقالاً في مجلة الجامعة السلفية في ذي القعدة سنة (١٣٩٦ هـ) العدد الرابع بعنوان "تعريف أهل الإيمان بصحة حديث صورة الرحمن"، وقد نقله بنصه د. علي بن ناصر فقيهي في تعليقه على كتاب الصفات للدارقطني ص ٥٨ - ٦٢. كما ألف الشيخ حمود التويجري كتاباً سماه (عقيدة أهل الإيمان بخلق آدم على صورة الرحمن) فمن أراد الاستزادة فليراجع ما ذكره ففيه الغنية.