للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني (١) فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له (٢)، حتى يطلع الفجر" (٣).


(١) في النسختين (يدعني) وما أثبت موافق للرواية عند البخاري ومسلم.
(٢) في الأصل (من، من، حتى يطلع الفجر) وما أثبت كما هو في - ح إذ ليس هذا اللفظ في شيء من روايات أحاديث النزول.
(٣) قال اللالكائي في السنة ٣/ ٤٣٤: "حديث النزول رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم عشرون نفساً"، ثم أورد الروايات في النزول، وصنف فيه الدار قطني - رحمه الله - كتاباً سماه (كتاب النزول) وهو مطبوع مع كتابه الصفات.
وأخرج الحديث هنا خ. في كتاب التهجد (ب. الدعاء والصلاة من آخر الليل) ٢/ ٤٧، م. كتاب صلاة المسافرين (ب. الترغيب في الدعاء والذكر آخر الليل) ١/ ٥٢١ من حديث أبي هريرة.
وصفة النزول أثبتها السلف - رحمهم الله - على ضوء ما ورد من الأحاديث الدالة على ذلك من غير تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل، فقد ذكر اللالكائي عن حنبل بن إسحاق قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينزل إلى السماء الدنيا" فقال أبو عبد الله: "نؤمن بها ونصدق بها ولا نرد شيئاً منها إذا كانت بأسانيد صحاح ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ونعلم أن ما جاء به الرسول حق". شرح السنة للالكائي ٣/ ٤٥٥.
وقال ابن خزيمة - رحمه الله - في كتابه التوحيد ص ١٢٥: "باب ذكر أخبار ثابتة السند صحيحة القوام رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب جل وعلا إلى سماء الدنيا كل ليلة، نشهد شهادة مقر بلسانه مصدق بقلبه مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب من غير أن نصف الكيفية، لأن نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا".
ونقل شيخ الإسلام عن أبي عمر الطلمنكي أنه قال: "وأجمعوا على أن الله جل وعلا ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا على ما أتت به الأثار كيف شاء لا يحدون في ذلك شيئاً". مجموع الفتاوى ٥/ ٥٧٧.
أما المعطلة من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة فقد أنكروا النزول ولهم فيع تأويلات:
التأويل الأول: ما ذكره الدارمي في الرد على بشر المريسي من قولهم: إن الله لا ينزل بنفسه إنما ينزل أمره ورحمته. وقد رد عليه الدارمي وغيره بأن الرحمة والأمر من الله ينزل في كل ساعة ولماذا تنزل فقط في ذلك الوقت المعين من الليل، ثم هي أيضاً تصعد عند طلوع الفجر، ثم أيضاً: هل الرحمة والأمر يناديان ويطلبان من أصحاب الحاجات أن يرفعوا حاجاتهم دون الله جل وعلا، هذا كلام باطل وتأويل ساقط. انظر: رد الدارمي على بشر المريسي ص ٢٠، مجموع الفتاوى ٥/ ٤١٥.
التأويل الثاني: هو ما ذكره الجويني في الإرشاد ص ١٥١، والآمدي في غاية المرام في علم الكلام ص ١٤٣ أنه قد يكون المراد به نزول ملك من الملائكة. وهذا في الواقع تأويل أبطل من الذي قبله، إذ الملائكة لا يمكن بحال أن تقول "من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه .. ". انظر: مجموع الفتاوى ٥/ ٤١٥ - ٤١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>