للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة، حتى يقعدوا منه مد النظر (١)، ثم يجيء ملك الموت فيقعد عند رأسه فيقول: "أيتها النفس المطمئنة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من السقاء، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفه عين حتى يأخذوها ويجعلونها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، فتخرج منه كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: هذا فلان بن فلان بأحسن أسمائه الذي كان يسمى بها في الدنيا، حتى يصعد إلى سماء الدنيا فيستفتح له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى تنتهي إلى السماء السابعة، فيقول الله: اكتبوا كتاب عبدي في عليين في السماء السابعة، واعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان ويقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، ويقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله فيقولان له: ما علمك (٢)؟ فيقول: قرأت كتاب الله، وآمنت به وصدقت. فينادي مناد في السماء صدق عبدي فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من طيبها وروحها ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول: ابشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول: من أنت فوجهك وجه يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: يا رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي. وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه


(١) هكذا في الأصل، وفي - ح - (البصر).
(٢) في - ح - ما عملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>