للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: إن هؤلاء ليسوا كأولئك، إن هؤلاء ظلموا الناس وظلموا أنفسهم وإني أدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم- وإحياء السنة وإماتة البدع، فإن تسمعوا يكن خيراً لكم ولي، وإن تأبوا فلست عليكم بوكيل، فرفضوه وانصرفوا عنه ونقضوا بيعته وتركوه فلهذا سموا الرافضة من يومئذ ومن تابعه من الناس على قوله سموا الزيدية.

ثم إن زيدا عزم على الخروج بمن بقي معه من أصحابه فواعدهم ليلة الأربعاء من مستهل صفر من تلك السنة، فبلغ ذلك يوسف بن عمر فكتب إلى نائبه على الكوفة، وهو الحكم بن الصلت، يأمره بجمع الناس كلهم في المسجد الجامع فجمع الناس لذلك يوم الثلاثاء سلخ المحرم، قبل خروج زيد بيوم، وخرج زيد ليلة الأربعاء في برد شديد ورفع أصحابه النيران وجعلوا ينادون: يا منصور يا منصور فلما طلع الفجر إذا قد اجتمع معه مائتان وثمانية عشر رجلا، فجعل يقول: سبحان الله أين الناس؟ فقيل: هم في المسجد محصورون، وكتب الحكم إلى يوسف يعلمه بخروج زيد ابن علي فبعث إليه بسرية إلى الكوفة، وركبت الجيوش مع نائب الكوفة، وتقاتل الفريقان في اليوم الأول إلى المساء، وفي اليوم الثاني إلى المساء حيث أصيب زيد بسهم في جبهته نفذ إلى دماغه فلما أخرج منه مات لساعته ودفن من ليلته وتفرق بعده أصحابه، ثم أخرج يوسف بن عمر جثته وصلبه (١).

فالزيدية تنتسب إلى زيد هذا ويعدونه الإمام الرابع لهم، وأول الأئمة لديهم علي بن أبي طالب، ثم الحسن ثم الحسين ثم زيد بن علي ثم كل من قام ودعا إلى نفسه وكان موصوفا بالعدل والأمانة وهو من أولاد فاطمة.

وقد قامت لهم دولة في اليمن في أواخر القرن الثالث الهجري على يد يحيى بن الحسين بن القاسم الملقب بالهادي واستمرت دولتهم بين مد وجزر وظهور وكمون إلى عام (١٣٨٢ هـ).


(١) البداية والنهاية ٩/ ٣٦٧ - ٣٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>