للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض منه (١). والإسلام المأمور به بقوله تعالى: {فَلَهُ أَسْلِمُوا} (٢) وما يستحق به الثواب بالآخرة هو أعم من الإيمان (٣).

وقد يقع الإسلام على من أتى بلفظ الشهادتين وإن لم يصدق بقلبه، ويستفيد بذلك عصمة دمه وماله في الدنيا لقوله صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" (٤).

ولهذا قال الله تعالى: {قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} ومن فرق من العلماء بين الإسلام والإيمان فمرادهم هو هذا (٥).


(١) ليس في الأدلة المذكورة ما يدل على قول المصنف هذا، بل هي دليل على أن الإيمان عام دخل فيه جميع الطاعات التي تكون بالقلب والجوارح، وانظر: ما تقدم ص ٧٣٧.
(٢) الحج آية (٣٤).
(٣) هذا ليس أعم من الإيمان، وإنما هو والإيمان هنا شيء واحد لا فرق بينهما، وهذا على ضوء التحقيق المتقدم عن بعض العلماء ص ٧٣٥ أن لفظ الإسلام والإيمان إذا افترقا دخل أحدهما في الآخر.
(٤) أخرجه خ. كتاب الزكاة (ب وجوب الزكاة) ٢/ ٩١، م كتاب الإيمان (ب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) ١/ ٥١ من حديث أبي هريرة وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - والحديث ليس فيه دليل على أن الإسلام يطلق على من أتى بالشهادتين بدون تصديق القلب، فإن هذا نفاق ولا يسمى إسلاماً، وإنما النطق بالشهادتين هو مفتاح الدخول في الإسلام، ولم نؤمر بالتنقيب عن قلوب الناس إنما من قالها قبلت منه إلا أن يظهر منه ما يخالف مدلولها، لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد لما قتل رجلاً "أقال لا إله إلا الله وقتلته قال: إنما قالها خوفاً من السلاح قال: أفلا شققت عن قلبه لتعلم أقالها أم لا"، أخرجه م. كتاب الإيمان ١/ ٩٦، وهو عند البخاري بغير هذا اللفظ فهذا دليل على أن الشهادة تقبل منه إذ لا يعلم ما في القلوب إلا الله، أما من اختلف باطنه عن ظاهره بحيث أخفى الكفر وأظهر الإسلام فإنه منافق ولا يسمى مسلماً، وقد رد الله عز وجل على المنافقين شهادتهم في قوله: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} المنافقون آية (١)، فلم يقبل منهم ولم يصفهم بالإسلام، إذ من شرط الإسلام تصديق القلب ونطق الشهادتين، أما الآية المذكورة {قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا} الحجرات: من الآية (١٤) فقد تقدم بيان أن الراجح أنهم ليسوا منا فقين ص ٧٣٩.
(٥) تقدم بيان أن قول العلماء في التفريق بين الإسلام والإيمان ووجه الفرق بينهما في أقوالهم ص ٧٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>