للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل على خلافه أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - من القرآن قوله سبحانه: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً} (١)، وهذه الآية نزلت في المخلفين من الأعراب عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية، فقيل إن القوم الذين وصفهم الله بأولى بأس شديد هم أهل اليمامة (٢)، (٣) جهينة ومزينة وأشجع وأسلم وغفار والذي دعى إلى قتالهم وقاتلهم هو أبو بكر - رضي الله عنه -، وقيل: إنهم فارس وقد قاتلهم عمر - رضي الله عنه - فوعد الله المطيع على قتالهم أجراً حسناً، وأوعد من أعرض عن قتالهم عذاباً أليماً. فدل على أن الداعي لهم إلى قتالهم محق فيما دعاهم إليه (٤).

ومما يدل على خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - ما روي عن جبير بن معطم: "أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء، فأمرها أن ترجع إليه فقالت: يا رسول الله أرأيت إن لم أجدك كأنها تعرض بالموت فقال لها: "إن لم


(١) الفتح آية (١٦).
(٢) اختلف في المقصود بالموصوفين بالبأس الشديد، فعن الزهري أنه قال هم بنو حنيفة مع مسيلمة الكذاب وهم أهل اليمامة. وقال ابن عباس وابن أبي يعلى ومجاهد وغيرهم هم فارس والروم.
وعلى هذين القولين تكون الآية دليلاً على خلافة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، لأن أبا بكر هو الذي دعا إلى قتال أهل اليمامة والروم. ودعا عمر - رضي الله عنه - إلى قتال فارس وأكمل قتال الروم، وقيل: إن المراد بالقوم هم هوازن وثقيف، وروي هذا عن سعيد بن جبير وعكرمة وقتادة، فيكون الداعي النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: الروايات في تفسير ابن جرير ٢٦/ ٨٢ - ٨٣.
(٣) هكذا في النسختين والكلام فيه سقط هنا ولعله (والمدعون هم … ) لأن الذي ذكره المفسرون أن المخلفين عن غزوة الحديبية هم من أعراب المدينة جهينة ومزينة وأسلم … )، انظر: تفسير ابن جرير ٢٦/ ٧٧، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٧٢.
(٤) ذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء ص ٦٥ أبن ابن أبي حاتم وابن قتيبة وأبو العباس بن شريح وابن كثير استدلوا بهذه الآية على خلافه الصديق - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>