للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك بن الأشتر يحدوه بالسيف، فقيل لهما: بايعا فبايعا مكرهين، ولهذا قال طلحة: بايعت واللّج يعني السيف (١) على قفىّ" (٢)

والجواب عن هذا من وجهين:

أحدهما أن نقول: هذه الرواية من الخوارج من قبيل الرواية التي يرويها الشيعة أن عليا وطلحة والزبير أكرهوا علي بيعة أبي بكر، وأن عمر أتى بعلي يقوده بحبل أسود في عنقه مما لا يثبته أهل النقل وأصحاب الحديث، وبمثل هذه الرواية الشاذة لا يحكم بتفسيق اصحابة مع صحة الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بتفضيلهم وشهادته لهم بأنهم من أهل الجنة.

ويحمل قول طلحة واللج على قفىّ - يعني سيفه لنصرة علي - على لالج غيري (٣).

والجواب الثاني أن نقول: قد ثبتت بيعة علي وإمامته بيعة الجمهور من الصحابة قبل ذلك، وانقادوا له وصارت له الشوكة بطاعتهم له، فلا يقدح بها تخلف الواحد والاثنين وإكرههما على بيعته إكراه على حق كالحربي إذا أكره على كلمة الإسلام. (٤)

احتجوا بأن طلحة والزبير قال: "إنما بايعنا عليا على أن يقتل قتلة عثمان".

وهذه مبايعة على شرط فإذا لم يوجد كانت باطلة ولهذا قال علي - رضي الله عنه -: "بايعاني في المدينة وخلعاني بالعراق".


(١) ذكر هذا أبو عبيد في غريب الحديث ٤/ ١٠.
(٢) قفّى: هذا على لغة طي والمراد قفاى. انظر: غريب الحديث لابن عبيد ٤/ ١١.
(٣) هكذا في النسختين ولم يتبين لي معناها.
(٤) ما ذكر المصنف هنا غير وارد مع ما للصحابة - رضوان الله عليهم - من المكانة، واستحقاق علي - رضي الله عنه - للخلافة بعد ثمان أمر متفق عليه، فقد كانت الشورى بينهما بعد أن تنازل عنها بقية الستة، فلما قتل عثمان - رضي الله عنه - لم يكن أحد من الصحابة أولى منه، كما لم يعلم أن أحدا من الصحابة تخلف عن البيعة، وما حدث من عائشة - رضي الله عنها - ومن كان معها إنما هو مطالبة بقتلة عثمان الذين كان بعضهم في جيش علي - رضي الله عنه -، وكذلك ما وقع من معاوية - رضي الله عنه - لم يكن منازعة في الخلافة وإنما كان مطالبة بدم عثمان - رضي الله عنه -، مع أن الأمر كانت فيه فتنة عظيمة دخل فيها أصحاب الأهواء والأغراض فأكثروا الدس والكذب الذي تلبسه به الحق على بعض الناس والجميع كان مجتهدا. انظر: شرح العقيدة الطحاوية ص ٥٤٥ - ٥٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>