للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثالثة] :

أدلة أهل السنة والجماعة على قولهم وردّ استدلال المخالفين، بل أولاً أدلة أهل السنة والجماعة على قولهم.

فكما سمعت المسألة فيها أشياء:

- ففيها أنَّّ القرآن كلام الله وهذه أدلتها كثيرة معلومة لكم، ومنها قوله - عز وجل - {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة:٦] .

وقوله (منْهُ بَدَا ... قَوْلاً) هذا دليله قوله - عز وجل - {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل:١٠٢] ، وقوله - عز وجل - {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:٤١-٤٢] ، قال {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} ثم وَصَفَهْ، ثم قال {تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} .

* ولهذا حَرْفْ (مِنْ) هذا من الأحرف المهمة في تقرير العقائد السلفية، فينبغي لطالب العلم أن يعتني به في كتب النحو وكتب المعاني؛ لأنه يفيد فيما ذكرنا في مواضع كثيرة، يفيد في هذا الموضع وفي غيره من المواضع.

قال (بلاَ كَيْفِيَّة) يعني أَنَّ الكيف غير معقول، وهذا يدل عليه قوله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١] .

(وأنْزلَه على رَسُولِهِ وَحْياً) يعني أنّ القرآن وحي وهذا أمر ظاهر متواتر معروف للجميع.

قال (وأَيْقَنُوا أنَّه كلامُ الله تعالى بالحقيقة) هذه الكلمة دليلها قوله - عز وجل - {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:١٦٤] ، فتكليم موسى أُكِّد بالمصدر فقال (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) قال علماء العربية إنَّ تأكيد الفعل بالمصدر يدل على إرادة حقيقته وألا يراد به غير الظاهر والحقيقة.

هذا القول من باب التنزل معهم بحسب لغتهم، وإلا فإنَّ استعمال الحقيقة والمجاز في هذا الموضع لا يصلح تأسيساً، وإنما إذا كان في الرد على المخالفين فلا بأس به من باب حدثوا الناس بما يعرفون.

قارِن بين هذه الآية وبين قوله {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة:٦] ، فإذاً كلام الله - عز وجل - الذي تكلم به هو حقيقة جَمْعَاً بين الآيتين آية براءة وآية سورة النساء.

<<  <   >  >>