قوله (بِعَذَابِ الْقَبْرِ) عذاب القبر اسم (١) لما بعد الموت، وقيل عنه عذاب القبر تَغْلِيباً، وقد يكون عذاباً في القبر وقد يكون عَذَابَاً في غير القبر.
يعني أنَّ من فارَقَتْ روحه جسده فإنَّهُ إمَّا أن يُنَعَّمْ وإما أن يُعَذَّبْ، وغالب الناس من جميع الملل والنِّحَلْ والديانات يُقْبَرون، فلذلك صارت سِمَةً للمسألة اسم نعيم القبر أو عذاب القبر، وإلا فحقيقتها عذاب البرزخ ونعيم البرزخ؛ لأنَّ الحياة المقصود بالتَّنَعُّمِ أو العذاب فيها هي الحياة الثانية وهي الحياة البرزخية.
فالحياة ثلاث:
- الحياة الدنيا.
- والحياة البرزخية.
- والآخرة.
والمقصود هنا الحياة البرزخية ولذلك من دُفِنَ أو من لم يُدْفَنْ وأُحْرِقَ وذُرَّ أو من أُكِل فَتَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُ أو مَنْ رُمِيَ في البحر ولم يُقْبَرْ أو إلى آخره، أو من رُفِعَ في مكان ولم يُجْعَلْ تحت الأرض في قبر، فالجميع صاروا إلى حياةٍ برزخية.
فإذاً قول العلماء عذاب القبر أو ما جاء في الدليل في بعض النصوص من تسميته عذاب القبر هذا من باب التغليب؛ لأنَّ غالب الناس يُدْفَنُون.
وقوله هنا (لِمَنْ كَانَ لَهُ أَهْلًا) يعني بِحَسَبِ عِلْمِ الله - عز وجل - فيه، فمن هُوَ أهل للعذاب عُذِّبْ، ومن هو أهل للنعيم صار في نعيم.