يُشْكِلْ على هذا ما جاء في الحديث الذي رواه مسلم وغيره وهو قوله صلى الله عليه وسلم في وصف الرب - عز وجل - «حِجَابُهُ النّورُ. لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ»(١) ، فهل معنى ذلك أنَّ البصر محدود بالخلق؟
والجواب عن ذلك: أنَّ هذا إحالة على -يعني في قوله «مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» - في أنَّ الإحراق إحراق السبحات لما انتهى إليه البصر.
والبصر لا ينتهي لحد، فكذلك الإحراق لا ينتهي لحد.
فإذاً هو بناء شيء على شيء، فلا يُثْبَتْ الثاني لأجل ورود الأول بل الثاني مَنْفِي فكذلك الأول نقول ليس له حد.
«مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» الله - عز وجل - ينْفُذُ بصره في جميع بريته ـ، وكل ما سواه - عز وجل - مخلوق.
فإذاً بصره ينتهي في جميع مخلوقاته، فإذاً لو كَشَفَ الحجاب لأحرقت سبحات وجهه كل مخلوقاته.
فإذاً هذا ليس فيه إثبات الحد والغاية، وإنما هذا فيه إثبات أنه - عز وجل - مُطْلَق في اتصافه بصفاته لا حد؛ يعني لذلك يُثبت؛ بل نقول: هو سبحانه كامل في صفاته.