للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله (والفُرْقَةَ زَيْغاً وَعَذَاباً) : فيها أيضاً مسائل:


[المسألة الأولى] :
(الفُرْقَةَ) تقابل (الجَمَاعَةَ) ، وكما أنَّ (الجَمَاعَةَ) تكون في شيئين فـ (الفُرْقَةَ) أيضاً تكون في الأمرين نفسهما:
- الأول: الفُرْقَةَ في الدين.
- والثاني: الفُرْقَةَ في الأبدان.
وعلى هذا تفاسير السلف لآي القرآن في نصوص الافتراق وما بَيَّنُوا من دِلَالَةِ بعض الأحاديث.
فقوله - عز وجل - {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} دَلَّتْ على الاعتصام بالقرآن جميعاً يعني بأَجْمَعِه وهو الجماعة في الدين.
وقوله {وَلاَ تَفَرَّقُواْ} دَلَّتْ على النهي عن فُرْقَةِ الأبدان، لهذا قال بعدها {وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران:١٠٣] .
فَذَكَرَ الاجتماع في الأبدان ونهى عن الفُرْقَةَ في الأبدان.
وقوله - عز وجل - في الآية الأخرى مثلاً التي ذكرناها لكم {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى:١٣] يعني في الدين؛ يعني الفُرْقَةَ في دين الله - عز وجل -، فما ذُكِرَ هناك من الاجتماع على الدين والاجتماع في الأبدان يُذْكَرُ هنا بضده، لأن (الفُرْقَةَ) تُقَابِلُ وتُضَادْ (الجَمَاعَةَ) .

<<  <   >  >>