[المسألة الثالثة] :
الكرامة تَبَعٌ للوَلَايَة، والأولياء جعلهم الله - عز وجل - هم أهل الإيمان والتقوى قال {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:٦٢-٦٣] ، فالولي الذي يُعْطَى الكرامة هو الموصوف بهذين الوصفين: الإيمان والتقوى.
فلو جَرَى الخَارِقْ على يدي من لم يُوصَفْ بالإيمان والتقوى فليس هو مِنَ الكرامة؛ لأَنَّ الله - عز وجل - جَعَل الوَلاية في أهل الإيمان والتقوى، وهم الذين يُعْطَونَ الكرامة.
وهاهنا سؤال: هل المبتدع أو الضَّالْ أو العاصي يُعْطَى كرامة؟
والجواب عن ذلك: أَنَّ الأولياء -كما قَرَّرَ أهل العلم- على فئتين:
- الفئة الأولى السابقون.
- والفئة الثانية المُقْتَصِدُونْ.
فليس للظالم لنفسه المقيم على المعصية حظ في الكرامة.
لكن قد تجري الكرامة على يَدَيْ من عنده بدعة أو معصية أو ظلم لنفسه، وذلك راجع لأسباب:
١- السبب الأول: أن يكون ليس هو المراد بها وإنَّمَا يكون هذا المبتدع أو هذا الظالم لنفسه في جهادٍ مع الكافر، في جهادٍ مع العدو الكافر فيعطيه الله - عز وجل - الكرامة لا لذاته ولكن لما يُجَاهِدَ عليه، وهو الإسلام والإيمان ورد الكفر.
فيكون إعْطَاؤُهُ الكرامة لا يغتر بها لأنها ليست لشخصه وإنما هي للدليل على ظهور الإيمان والإسلام على الكفر والإلحاد والشرك ونحو ذلك.
٢- السبب الثاني: أن يكون إعْطَاؤُهُ الكرامة لحاجته إليها في إيمانه أوفي دُنْيَاه، فتكونُ سبباً له في استقامة أو في خير.
فلهذا من جرى على يديه شيء في ذلك فينظر في نفسه:
- إنْ كان من أهل الإيمان والتقوى فيحمد الله - عز وجل - ويُثْنِي عليه ويُلازِمُ الاستقامة على ما أكرمه الله - عز وجل - به.
- وإن كان من أهل البدعة أو المعصية أو الظلم للنَّفْسْ، فيعلم أَنَّ في ذلك إشارة له أن يلازم سنة النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان والتقوى حتى تكون البُّشرى له في الدنيا والأخرى، وإلَّا يكون قد قامت عليه حُجَّةْ ونعمة من الله رآها ثُمَّ أَنْكَرَهَا.