دلّ على ذلك قوله سبحانه {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٦-٢٧] ويدل عليها قوله {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:٨٨] في أحد التفسيرين، ويدل عليها قوله - عز وجل - {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة:٢٥٥] وذلك لكمال حياته وكمال قيوميته، وإذا انتفى الأدنى انتفى الأعلى من باب أولى، ولهذا قال (لا يَفنَى ولا يَبيدُ) سبحانه وتعالى. وأراد المصنف بقوله (لا يَفنَى ولا يَبيدُ) أراد شيئين فيما يظهر: - الأول: أن هذا فيه مزيد وصْفْ لله - عز وجل - بكمال الحياة وكمال القيومية - عز وجل -، وتفسير لقوله (دَائمٌ بلا انْتهاء) - والثاني: أنّ بعض أهل البدع زعموا أنَّ بعض صفات الله - عز وجل - تفنى، أو أن بعض آثار أسمائه - عز وجل - يبيد. ونحن نطلق القول بأنه - عز وجل - لا يفنى ولا يبيد سبحانه وتعالى في ذاته وفي أسمائه وصفاته، ولا نقيِّدُ ذلك في الزمن المستقبل بشيء، بل نقول هو على إطلاقه؛ بأنه سبحانه آخر فليس بعده شيء، وأنه لن يزال متصفاً بصفاته بمشيئته وقدرته - عز وجل -. فإذاً قوله (لا يَفنَى ولا يَبيدُ) هذا لكمال ربوبيته سبحانه وكمال اتصافه بالصفات.