للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال رحمه الله (حَيٌّ لا يَمُوتُ، قَيُّومٌ لا يَنَامُ)


وكونه - عز وجل - حياً، هذا دلَّ عليه العقل ودلَّ عليه السمع؛ يعني دل عليه الكتاب والسنة.
وقبل ورود الكتاب والسنة فالعقل يدلُّ على أنَّ الله - عز وجل - موجود لكثرة الدلائل وتواترها وتتابعها على وجود الحق - عز وجل -.
وكونه سبحانه وتعالى موجوداً يدل باللازم الذي لا انفكاك منه على أنّه حي سبحانه وتعالى، وحياته - عز وجل - تدل على أنه متصف بصفات كثيرة.
فإذاً صار اسم الله (الحيّ) يدل عليه العقل قبل ورود السمع.
وكذلك اسم الله (القيوم) وصفة القيومية له - عز وجل - هذه أيضاً يدل عليها العقل ويدل عليها السمع لأنه سبحانه هو الذي أقام الأشياء.
فكونه هو الخالق للأشياء يدل عقلاً أنه هو الذي أقامها وأنّ قيومِيَّتَهَا به - عز وجل -.
إذا كان كذلك فنقول هذان الاسمان (الحي) و (القيوم) قد قيل فيهما -وهو قول قوي، وله حظ من الترجيح- أنهما اسما الرب - عز وجل - الأعظمان.
فالاسم الأعظم الذي إذا دُعي به الرب - عز وجل - أجاب، وإذا سُئِلَ به أعطى كما جاء في الحديث، هو في سورة البقرة وسورة آل عمران، وفيهما قول الله - عز وجل - {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (١) .
وهذا له معنى وذلك أنَّ الحي والقيوم بلوازمه؛ بلوازم اسم الحي وما يلزم من اسم القيوم يقتضي جميع الأسماء التي هي من أفراد الربوبية والصفات التي هي من أفراد الربوبية.
ولهذا عُلِّقَ إعطاء السائل سؤله في هذين الاسمين الأعظمين؛ لأنَّ إجابة السُّؤَّال وإعطاء الداعي ما دعا هذا متعلق بربوبية الله - عز وجل -، فإذا انضم إليها إدانة العبد وإقراره بتوحيد الإلهية وأن الله - عز وجل - لا إله إلا هو، صار هذا الدعاء (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) متضمناً لتوحيد الإلهية ولتوحيد الربوبية ولتوحيد الأسماء والصفات.
لهذا فإن اسم الحي واسم القيوم هما اسما الله الأعظمان اللذان إذا دُعي بهما أجاب وإذا سئل بهما أعطى، في قول قوي مرجَّح لأحد القولين في اسم الله الأعظم.
إذا تبين لك ذلك ففي قوله (حَيٌّ لا يَمُوتُ، قَيُّومٌ لا يَنَامُ) مسائل:

<<  <   >  >>