[الأسئلة]
س١/ يقول على القاعدة التي ذكرتم؛ وهي أنَّ الاسم إذا كان منقسماً فإنه لا يطلق على الله، فماذا يقال في اسم الباسط والقابض، فإن هذين الاسمين منقسمين فالبسط يكون للخير وقد يكون للشر, وكذلك القبض قد يكون للخير وقد يكون للشر؟
ج/هذا سؤال جيد، وجوابه راجع إلى معرفة أنّ الأسماء الحسنى منها ما لا يكون كمالا إلا مع قرينه، مثل الخافض الرافع، فالرافع لما اقترن بالخافض صار كمالاً مثل القابض الباسط، الله - عز وجل - قال {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ} [البقرة:٢٤٥] القابض الباسط سبحانه وتعالى، الضار النافع - عز وجل -، فثَمَّ من الأسماء الحسنى ما لا يكون دالاً على الكمال بمفرده، ولا يسوغ التعبيد له، مثل الضار هو من الأسماء الحسنى، ما نقول عبد الضار وأشباه ذلك، مثل المميت، المحيي المميت، ما نقول عبد المميت؛ لأن هذه الأسماء تطلق على وجه الكمال وتكون حسنى مع قرينتها، لهذا تجد أنها ملازمة للاسم القرين.
لهذا نقول الباسط صار كمالا بالقابض، فيطلق منفردا لأن كماله باسم الله القابض، والقابض أيضا هو كمال باسم الله الباسط لكنه لا يُعَبَّدُ له كما يعبد للباسط، ومثله النافع والضار، الضار كماله بالنافع والنافع كماله بالضار، لأنه يدل على القهر والجبروت لله - عز وجل -، وكذلك المحيي المميت. وهذا يأتينا عند قوله إن شاء الله (مُمِيتٌ بِلا مَخَافَةٍ) .
س٢/ لماذا تقولون أنّ عقيدة أهل السنة والجماعة من عقيدة التابعين، ونجد كثيرا من التابعين قد غلط في الأسماء والصفات؟ فهل نقول عقيدة الصحابة ولا نقول عقيدة التابعين؟
ج/ أولاً من حيث الأدب في السؤال ما يناسب لطالب العلم أن يسأل بقوله (لماذا تقولون؟) لأن هذا فيه منافاة لأدب المتعلم مع المعلم، هذه واحدة.
ثانياً أنَّ قوله (نجد كثيرا من التابعين قد غلط في الأسماء والصفات) التابعون إذا أراد بالذين غلطوا في الأسماء والصفات من أدركوا الصحابة، فليس هؤلاء من التابعين للصحابة بإحسان، لهذا قال - عز وجل - {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [التوبة:١٠٠] ليس كل من تبع فجاء تابعا للصحابة يكون محمودا.
لهذا نقول عقيدة الصحابة والتابعين. المراد بالتابعين الذين أثنى الله عليهم بأنهم تبعوهم بإحسان، أما الذين تبعوا الصحابة زمانا وخالفوهم عقيدة، وابتدعوا في الأسماء والصفات أو في القدر أو في الإيمان، كالخوارج والمرجئة والقدرية وأشباه هؤلاء، هؤلاء لا يدخلون أصلا في التابعين بإحسان، خير الناس قرن الرسول ? ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، والمراد من كان منهم على الحق.
إن أراد السائل بعض الغلط المروي عن التابعين من أهل السنة؛ يعني ممن تبع الصحابة بإحسان، فإنه لا يقال أنهم غلطوا في الأسماء والصفات، وإنما حصل بعض العبارات التي يُنازعون فيها؛ لأنهم اجتهدوا، لكن لا يقال إنهم غلطوا في ذلك، ولكن يقال لهم اجتهدوا فينسب إليهم اجتهادهم ولا يعابون لا يعتبرون غلطوا، ما فيه مسألة يقال غلطوا فيها في الصفات؛ التابعين بإحسان، ولا غلطوا في الأسماء؛ لأنه إن غلط في هذا الأمر في أصل من أصول الصفات أو من الأسماء فإنه لا يكون من التابعين بإحسان.
س٣/ ورد في الحديث (نعوذ بِوَجْهِك الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِك الْقَدِيمِ) (١) ؟
ج/ هذا معروف في البحث، السلطان هنا المقصود به الخَلْقْ؛ يعني الملكوت أو يُقْصَدْ به الصفة المتعلقة بذلك، وهذا فيه بحث زيادة على ما ذكرت، ولكن هذه الكلمة لا تعني أن القديم من أسماء الله - عز وجل -، أو أنه من صفاته سبحانه؛ لأنه وُصِفَ به سلطانه سبحانه «أَعُوذُ بِوَجْهِ الله الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ» سلطان الله القديم الذي هو صفة تدبيره سبحانه، وهذه ليست راجعة إلى الاسم القديم الذي يدل على الذات، كما هو معلوم أن الأسماء تدل على الذات وتدل على الصفات.
س٤/ ما الفرق بين الصفات والأفعال في قولك باب الصفات أضيق من باب الأفعال؟
ج/ يعني قد يكون هناك أفعال تضاف إلى الله - عز وجل -، ولا نشتق منها صفة نصف بها الرب - عز وجل -، فباب الأفعال أضيق من باب الصفات، فليس كل فعل أطلق أو أضيف إلى الله - عز وجل - من فعله سبحانه نشتق منه صفة من الصفات، وكذلك ليس كل ما جاز أن يُخبَر به عن الله - عز وجل - جاز أن نجعله اسما له سبحانه، أو أن نجعله صفة له سبحانه، وكذلك ليس كل صفة له - عز وجل - يجوز أن نشتق منها اسم، مثل مثلا الصُّنع الله - عز وجل - قال في آخر سورة النمل {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل:٨٨] فالصنع هذا صفة (صُنْعَ اللَّهِ) ، (صُنْعَ اللَّهِ) هذا صفة لكن لا يجوز أن نشتق منها الصانع، لأنه كما ذكرنا الشروط لا بد أن تكون:
١ - أولا: جاءت في الكتاب والسنة.
٢ - ثانياً: أن يكون يدعى بها، واسم صانع لا يدعى به الرب - عز وجل -، لا نقول يا صانع اصنع لي كذا؛ لأنه لا يتوسل إلى الله به.
(١) أبو داود (٤٦٦)