الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
الأسئلة:
س١/ يقول: الإيمان بالأركان الستة منها ما لا يصح الإيمان إلا به، ومنها ما يجب على المؤمن أن يعتقده إذا بلغه بالدليل، فأرجو أن تبينوا دليل التفريق في ذلك؟
ج/ السؤال ما هو واضح من كل جهة، لكن مقصود السائل أنّ أركان الإيمان هي الأركان الستّة المعروفة قال - عز وجل - {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة:٢٨٥] ، وقال - عز وجل - {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة:١٧٧] ، وقال - عز وجل - في ذلك {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء:١٣٦] ، وقال - عز وجل - {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:٤٩] ، فأركان الإيمان الستّة دل الدليل على وجوب الإيمان بها وأنها أركان الإيمان، وهذه الأركان هي التي جاءت في حديث جبريل عليه السلام، قال: ما الإيمان؟ قال «الإيمان أنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُِلهِ وَاليَوْمِ الآخِر، وبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ مِنَ الله تعالى» ، هذا الإيمان الواجب متوقّف على العلم، فهذا القَدْرْ المجمل في الإيمان بالله، بالملائكة، بالكتب، بالرسل، القَدْرْ المجمل هذا واجب على كل أحد؛ لأنّه لا يصحّ الإيمان إلا بقدْرٍ منه، وهذا القَدْرْ هو الذي يتوقف عليه الإيمان بهذه الأمور الستّة، ولذلك ذكرنا لك التقييدات، ما ضابط الإيمان بالملائكة الذي يصح به الإيمان؟ ضابط الإيمان بالكتب؟ يعني القَدْرْ المجزئ، ما القَدْرْ المجزئ في الإيمان باليوم الآخر؟ ما القَدْرْ المجزئ من الإيمان بالقدر؟ ذكرناه لكم بالتفصيل ترجعون إليه.
ما زاد على ذلك -على القَدْرْ المجزئ- فهو راجع إلى العلم فمن عَلِمَ شيئاً وَجَبَ عليه أن يؤمن به من عَلِمَ أن ثَمة ملك اسمه جبريل وجب عليه أن يؤمن بجبريل، ثَمة ملك اسمه ميكال في القرآن {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة:٩٨] وجب عليه أن يؤمن بميكال، من عَلِمَ أنَّ في السنة بعذاب القبر أو بالقرآن {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة:١٠١] وجب عليه الإيمان بعذاب القبر.
فإذاً ثمة قدر مجزئ من الإيمان هذا شرط في صحة الإيمان، أو هو شرط في صحة الإيمان بهذا الركن الخاص من الأركان الستة، ما بعد ذلك ما هو زائد على هذا القدر المجزئ فهو موقوف على العلم بالدليل، وهذه قاعدة الشريعة.
س٢/ كثيرا ما نقرأ ونسمع هذا يدل على كذا بالمطابقة، وعلى كذا بالالتزام، وعلى كذا بالتضمن، فما معنى هذه الثلاث وما الفرق بينها؟
ج/ المطابقة والتّضمّن والالتزام هي في أصلها من البحوث المنطقية، مطابقة تضمّن والتزام يبحثها المناطقة في أول كتب المنطق، ونَقَلَهَا اللغويون ونقلها الأصوليون في كتبهم فأصبح الناس يستفيدون ممن لم يُقْبِلْ على كتب المنطق يستفيدونها من كتب الأصول، سيَّما أنّ أئمة أهل السنة استفادوا منها في مباحث الأسماء والصّفات كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وعدد من أئمة الدعوة، ومعناها:
- المطابقة: هي دلالة اللفظ على كل معناه.
- التضمن: دلالة اللفظ على بعض معناه.
- اللزوم: دلالة اللفظ على شيء آخر يلزم لوجود هذه الصفة وجود ذلك الشيء الآخر.
مثاله: في صفاته الله - عز وجل - الرحيم.
الرحيم مطابقة هذا اللفظ يعني المعنى بالمطابقة ذاتٌ متصفة بالرحمة، فجمعت المطابقة ما بين الذات وما بين صفة الرحمة.
فإذاً نقول الرحيم دال على الرحمة بالمطابقة، صح أو غلط؟
هذا ليس بصحيح، نقول: دال على ذات متصفة بالرحمة؛ يعني الاثنين يعني هذا زائد هذا، جميعاً، هذا معنى المطابقة.
يأتي التضمن على بعض المعنى إذا قلنا الرحيم دالٌّ على صفة الرحمة يكون بالتضمن.
يأتي اللزوم الرحيم دالٌّ على صفة الحياة يعني هل هو يكون رحيما بلا حياة؟
يدل على الإرادة، هل هو رحيم بلا إرادة؟
يدل على الكرم، هل ثم رحمة بلا كرم؟
ونحو ذلك من أدوات أو دلالات اللزوم المختلفة.
س٣/ من قواعد أهل السنة في باب الأسماء والصفات أنَّ الاسم من الأسماء الحسنى متضمن للصفة، ولا يشتق من الصفة الاسم، وقد أشْكَلَ عليّ بعض الأسماء التي ذَكَرَهَا العلماء مشتقة من الصفات كالمعز المذل المحيي المميت وكالخافض الرافع، القابض الباسط والمعطي المانع؟