ج/ هذه الأسماء كمالها في اجتماعها في اقترانها، ومسألة الاشتقاق هذا في الانفراد، أما إذا كان الكمال في الاقتران فإنه لا بأس، ولذلك عدّوها من الأسماء الحسنى؛ لأنَّ الكمال في الاقتران، والاسم هذا من الأسماء الحسنى مع الاقتران يعني المميت ليس من الأسماء الحسنى؛ لكن المحيي المميت من الأسماء الحسنى، الخافض ليس من الأسماء الحسنى في نفسه، لكن الرافع الخافض من الأسماء الحسنى وهكذا.
فإذاً هذه كمالها في اقترانها تدلّ على الكمال بالاقتران لا على وجه الانفراد.
س٤/ هل يجوز الدعاء بـ: اللهم ربّ الأرواح الغائبة والأجساد البالية؟
ج/ الأرواح الغائبة مخلوقة لله - عز وجل - وهو ربها، والأجساد البالية أيضاً الله - عز وجل - ربها وهو أعلم بها وأين تفرقت أجزاؤها، فظاهر الدعاء أنه لم يشتمل على غلط.
لكن مما ينبغي التنبيه عليه أنَّ القاعدة أن الدعاء يتحرى فيه المرء الصواب، وأن لا يكون معتديا في الدعاء، والاعتداء في الدعاء:
- إما أن يكون في الطلب، يعني في صيغة الدعاء فيها اعتداء؛ ولكن يكون المطلوب طيّب.
- وإما أن يكون في المطلوب، يعني في الشيء الذي سأله.
مثال الثاني معروف الذي سأل وقال: اللهم إني أسألك القصر الأبيض ... الجنة إلى آخره، فهذا اعتداء في الدعاء من جهة المطلوب.
لكن من جهة الطلب نفسه أن يستعمل صِيَغًاُ ليست من الصيغ التي فيها تَأَدُّبْ، أو صيغ ليس له أن يستعملها هو من جهة المعنى، أو أنّ فيها نوع نزول في مخاطبة الله - عز وجل - ونحو ذلك، هذه تكون من الاعتداء في الدّعاء، ولذلك كلّما اجتهد المرء في أن يكون دعاؤه مأثوراً كان أسلم وأعظم وأجمع للدّعاء.
س٥/ ما هي الحجة التقريرية والحجة الفطرية في آية الميثاق؟
ج/ آية الميثاق أظنه يعني بها قوله تعالى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف:١٧٢-١٧٤] ، هذه عند بعض أهل العلم تسمى آية الميثاق؛ لكن في الواقع ليس فيها ذكر للميثاق كما ذكرنا لكم وإنما فيها الإشْهَادْ، وهذا الإشهاد كما مر معنا تفسيره إنما هو دليل الفطرة والربوبية وآيات الله - عز وجل - في الآفاق وفي الأنفس.
فإذاً الحجة التقريرية في حد سؤال السائل هي إقرار أولئك بما أقرَّهُمْ الله - عز وجل - عليه وشَهِدَ بعضهم على بعض أنَّ الله ربهم وأنه لا إله إلا الله.
والحجة الفطرية هي ما فُطِرُوا عليه يعني منذ بداية خلقهم هم فُطِرُوا على الإسلام فُطِرُوا على التوحيد، وهذه الحجة ليست حجة كافية في الحساب؛ بل لابد أن ينظمّ معها الحجة الرّسالية، فالحجة الفطرية لا تكفي؛ بل لابد من الحجة الرسالية في الحساب والعقاب.
إلا فيمن لم يَبْلُغْ فإنّ الفطرة تكفيه، الفطرة الأصلية تكفيه، فيمن مات قبل البلوغ، فإنه على الفطرة من أبناء المسلمين، وأما أبناء المشركين فهم على الخلاف المعروف في شأنهم والنبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أطفال المشركين فقال «الله أعلم بما كانوا عاملين» (١) رواه البخاري وغيره.
س٦/ نقل المرداوي في شرح اللامية عن السلف أنَّ تفسير آيات الصفات عندهم هو قراءتها من غير التعرض لمعناها، ونقل عن الفضيل بن عياض أنَّ تفسير آيات الصفات قراءتها فهل ذلك صحيح؟
ج/ السلف ربما قال بعضهم (أمرّوها كما جاءت) ، تفسيرها قراءتها، وربما قال بعضهم (لا كيف ولا معنى) ، يعنون بذلك أنه ليس ثَمَّ شيء غير الظاهر، لا كيف كما يقول المجسمة، ولا معنى -غير الظاهر- كما يقول المؤولة، قراءتها تفسيرها يعني كما يتبادر إلى الذهن لأن هذه كلمات عربية فما تبادر للذهن من معناها فهو الذي يجب الإيمان به، مع قطع الطمع عن الإدراك.
س٧/ أشكل علينا قولكم إن العلم يكون مع أول الإرادة، وما هي الإرادة المقصودة؟
ج/ هذه كلمة أردت بها التوضيح، وأشكلت على كثير من الإخوان، وهي سليمة في نفسها صحيحة؛ لكن لأجل عدم الاستيعاب أتركوها، وهي للإيضاح ليست للاعتقاد، هي للإيضاح، كلمة للإيضاح فاحذفوها من كتاباتكم، وإن أمكن أيضا من التسجيل لئلا يوقع الناس في اللَّبس.
س٨/ لماذا نقول عموم المشيئة ولا نقول المشيئة دون ذكر كلمة العموم؟
ج/ لأنَّ المشيئة ما تُبَيِّنْ الفرق ما بين السني والقدري، في مباحث القدر نقول: عموم المشيئة لنُدخل طاعة المطيع ومعصية العاصي في مشيئة الله - جل جلاله -.
(١) البخاري (١٣٨٤) / مسلم (٦٩٣٥) / أبو داود (٤٧١١) / النسائي (١٩٤٩)