للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال بعد ذلك (وَكُلُّ شَيْءٍ يَجْرِي بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِلْمِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، غَلَبَتْ مَشِيئَتُهُ الْمَشِيئَاتِ كُلَّهَا، وَغَلَبَ قَضَاؤُهُ الْحِيَلَ كُلَّهَا، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ أَبَدًا، تَقَدَّسَ عَنْ كُلِّ سُوءٍ وَحَيْنٍ، وَتَنَزَّهَ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَشَيْنٍ: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:٢٣] .)


يريد رحمه الله بهذا أن يُقَرِّرَ مُعْتَقَدْ أهل السنة والجماعة أنّه ما من شيء يحدث إلا وهو بمشيئة الله وعلمه وقضائه - عز وجل - وقدَرِه، وأنَّ الأمور لا تُسْتَأْنَفْ، لا يعلمها الله - عز وجل - إلا بعد وقوعها، كلا وحاشا، وإنما تقع على وَفْقِ تقدير الله - عز وجل - لها في الأزل.
يعني علمه - عز وجل - بها، وكتابته - عز وجل - لها في اللوح المحفوظ قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وأنَّهُ سبحانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
وفي هذه الجملة ذِكْرُ مراتب الإيمان بالقدر المعروفة.
- المرتبة الأولى ذَكَرَهَا في قوله العلم.
- والمرتبة الثانية ذَكَرَهَا في قوله القدر، وهو الكتابة.
- والمرتبة الثالثة ذَكَرَهَا بقوله (بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِلْمِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، غَلَبَتْ مَشِيئَتُهُ الْمَشِيئَاتِ كُلَّهَا) .
- المرتبة الرابعة ذَكَرَهَا في قوله فيما سبق (وَأَفْعَالُ الْعِبَادِ خَلْقُ اللَّهِ، وَكَسْبٌ مِنَ الْعِبَادِ) .
فهو لم يَنُصْ على مراتب القدر المعروفة وهي مُفَرَّقَةٌ في هذا الكلام.
وها هنا مسائل:

<<  <   >  >>