للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحمد الله حق الحمد وأوفاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلِّمْ اللهم تسليما مزيداً، أما بعد:

الأسئلة:

س١/ أكملنا سنة منذ بداية الدروس، وتم شرح ثلث الكتاب تقريباً، وهذا يعني أنه بقي سنتان والعمر قصير فنرجوا منكم النظر في ذلك؟

ج/ الجواب أنَّ الشرح الذي نشرح به الطحاوية الآن شرح متوسط، ليس بالطويل ولا بالقصير؛ لأني أراعي في الشرح حال الذين حضروا قبل ذلك في شروح كتب العقيدة المختلفة مثل الواسطية وغيرها كي يستفيد من سبق له الحضور، والمباحث القادمة ربما كانت أقصر من المباحث الماضية.

س٢/ لقد صدر لكم كتاب بعنوان هذه مفاهيمنا، وقد رأيت أنَّ بعض أهل العلم يذكر أنَّ أمور العقيدة لا تطلق عليها مفاهيم؛ لأنها ترجع إلى ما يعتقده المرء مما دَلَّ عليه الكتاب والسنة لا إلى فهوم الناس، فما تعليقكم على ذلك، إلى آخره؟

ج/ الجواب أنَّ كلام بعض أهل العلم فيما ذكر إنما هو بالابتداء؛ يعني من سَمَّى بحوث العقيدة ابتداءً فُهوماً، مفهوم القدر في الإسلام، مفهوم الشفاعة في الإسلام، يعني من قرّر العقيدة ابتداءً باسم مفهوم.

وهذا ظاهر لأنَّ العقيدة مبنية على النصوص وليست ابتداء يطلق عليها مفهوم أو نحو ذلك.

وقد يُقال إنَّ المسألة إذا اختلف فيها أهل القبلة فإنه يقال فهم -يعني في غير المسائل قطعية الدّلالة- يقال فهم أهل السنة والجماعة كذا، وفهم السّلف الصّالح كذا، وهذا ظاهر بتعبير عدد من أهل العلم حيث عبّروا عن فهمهم لأصول اعتقاد أهل السنة والجماعة بقولهم: والذي يفهمه أهل السنة والجماعة من هذه النصوص كذا.

الحال الثانية وهي في الظاهر لم يُرِدْهَا من ظنَّ السائل أنه أراد بها كتابي (هذه مفاهيمنا) ، الحالة الثانية أن تكون في مقابلة الرد، والرد معلوم أنه يُقابَلُ فيه [الأصل] ويكون كمالاً إذا كان فيه دفع للمبتدع.

وهذا فيه مناسبة بلاغية أيضاً لأنّ الذي رُدَّ عليه بكتاب هذه مفاهيمنا سَمَّى كتابه (مفاهيم يجب أن تُصَحَّحْ) فالرد يكون باستعمال لفظ استعمله هُوَ لتأكيد قوة الأمر وتثبيته بقوله: هذه مفاهيمنا.

وهذا له أصل في اللغة العربية وفي القرآن والسنة فإنَّ الله - عز وجل - لا يجوز عليه ابتداء أن يُوصَفَ بصفات؛ لكن إذا كان في مقابلة نقص البشر أو مكرهم أو استهزائهم فإنه يوصف، مثل المكر {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ} [الأنفال:٣٠] فلا يطلق ابتداء المكر وإذا كان في مقابلة مكر فيقال يمكر الله بمن مكر، أو الاستهزاء يستهزئون الله يستهزئ بهم، أو المخادعة ونحو ذلك.

ففي تسمية الكتاب هذه مفاهيمنا في مقام الرد فيه صواب وذلك من جهتين:

١ - الأولى: أنّ الرد فيه القوة وفيه الاستعلاء، بما استعلى به صاحب النص والدليل.

٢ - الثانية: أنَّ فيه وجها بلاغيا؛ لأنّ مقابلة النص بتثبيته؛ تثبيت اللفظ والزيادة على ذلك بصحة المعنى، فإنه جائز بل مستعمل في اللغة وفي القرآن والسنة، ومن استعماله في اللغة قول عمرو ابن كلثوم في معلقته:

ألا لا يجهلن أحدٌ علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا

مع إجماع العقلاء على أنَّ الجهل من صفات السفهاء، لكنّ لما كان في مقابلة جهل الجاهل صار كمالاً لأنه يدلّ على قوة.

فلما سمّى ذاك كتابه (مفاهيم يجب أن تصحح) كان من الكمال والرفعة أن يُقال (هذه مفاهيمنا) ؛ يعني أنَّ وجوب تصحيحها الذي ادعاه إنما هو باطل ومردود.

مع ظنِّي أنَّ من كتب في انتقاد هذه اللفظة يريد الوجه الأول وهو الابتداء لا الوجه الثاني.

نكتفي بهذا القدر ونبدأ في الكتاب.

<<  <   >  >>