الصحابة رضوان الله عليهم بشر يُصيبون ويُخطئون ويجتهدون فيما يجتهدون فيه، وربما وافق بعضُهُمْ الصواب، وربما لم يوافق الصواب.
لهذا الواجب على المؤمن من مُقْتَضَى المحبة والنُّصْرَةْ أن يحمِلَ جميع أعمال الصحابة على إرادة الخير والدِّيْنْ وحب الله - عز وجل - وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنَّ ما اجتهدوا فيه:
- إما أن يكون لهم فيه الأجران إذ أصابوا.
- وإما أن يكون لهم فيه الأجر الواحد إذ أخطؤوا.
وكُلُّ عَمَلٍ لهم مما اجتهدوا فيه حتى القتال فإنَّهُ مَعْفُوٌّ عنهم فيه لأنَّهُم مجتهدون، فلا نَحْمِلُ أحداً من الصحابة على إرادة الدنيا المحضة -يعني فيما اجتهدوا فيه من القتال- وإنما نحملهم على أنَّهُم أرادوا الحق واجتهدوا فيه فمن مُصيبٍ ومن مخطئ.
ولهذا كان الصحابة وهم يتقاتلون يُحِبُّ بعضهم بعضاً، ولا يتباغضون كما أَبْغَضَ طائفة منهم من جاء بعد ذلك من أهل البدع، فلم يكن أحَدُهُمْ يَذُمُّ الآخر ذَمَّاً يقدح في دينه، أو يقدح في عدالته، وإنما بين من يُصَوِّبُ نفسه ويُخَطِّئُ غَيْرَهْ وبين من يعتزل أو يُثْنِي على الجميع وأشباه ذلك.
وهذا هو الواجب في أننا نحمل أفعالهم على الحق والهدى، وإن كان بعضهم يكونُ أصوبَ من بعض، أو يعضهم يكون مصيباً والآخر مخطئاً.
وما جرى من الصحابة من الشِّجَار فيما اجتهدوا فيه والقتال أو ما اجتهد فيه الصحابة في المسائل العملية في علاقتهما بعض الصحابة الآخرين، فهذا لا يُبْحَثُ فيه وإنما يُذْكَرُونَ بالخير، ونعتمد على الأصل الأصيل وهو أنَّ الله - عز وجل - أثنى عليهم، وخاصَّةً أهل بيعة الرضوان الذين أنزل الله - عز وجل - فيهم قوله {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَة}[الفتح:١٨] ، وكانوا إذ ذاك بين ألف وأربعمائة وألف خمسمائة قد رضي الله عنهم وأرضاهم.