أنكرت المعتزلة وجماعات كرامات الأولياء وقالوا: إنَّ إثبات كرامات الأولياء يعود على معجزات الأنبياء بالإبطال؛ لأنَّ الجميع خرقٌ للعادة، وما عَادَ على معجزات الأنبياء بالإِبْطَالْ فهو باطل.
فالجواب عن ذلك أنَّ الله - عز وجل - أثبت هذه الأنواع الثلاث:
أثبت الآيات والبراهين التي يعطيها للأنبياء.
وأثبت - جل جلاله - كرامات الأولياء.
وأثبت - عز وجل - مخاريق السحرة وتخييلات السحرة.
فَكُلُّ هذه في القرآن وفي السنة، وكلها تشترك في أنها أمور خارقة للعادة، فعدم الإيمان بها هو ردٌ للقرآن فيما دَلَّ عليه.
وقد لا تكون الدِّلالة عندهم قطعية وبذلك لا تدخل المسألة في الكفر؛ لكن ظاهر أنَّ القرآن فيه هذا وهذا.
فمثلاً مريم عليها السلام أُعْطِيَتْ أشياء وليست بِنَبِيَّة لأنَّهُ ليس في النساء نَبِيَّةْ كما هو معلوم، {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[آل عمران:٣٧] ، وكذلك قصة أصحاب الكهف، وهؤلاء جميعاً ليسوا بأنبياء.
المقصود من ذلك أنَّ جنس الكرامة هذا ثابِتْ في القرآن وفي السنة وقَصَّهُ الله - عز وجل -، فَنَفْيُ الكرامة لأنها خارق للعادة هذا رَدٌّ لما أثبته الله - عز وجل -، والله - عز وجل - فَرَّقَ بين هذا وهذا.
وأما أنها تشتَبِهْ مع خارق الأنبياء فهذا ليس بصحيح كما ذكرنا لك من الفروق السّابقة لأنَّهُ ثَمَّةَ فُروق ما بين كرامات الأولياء وما بين معجزات الأنبياء.
وطَرَدُوا المعتزلة هذا الباب فقالوا: كل الخوارق الشيطانية وكل الخوارق التي تجري للعقل والسحر والأشياء كل هذه مما يدخل في باب خرق العادة، لا نؤمن به ويُرَدْ.
وكُلُّهُ جَرْيَاً منهم على هذا الأصل، وهو أنَّهُ يعود على آيات الأنبياء بالإِبْطَال.