فمع النفس أهل السنة والجماعة يرجون للمحسن ويخافون على المسيء. هذا أصلهم مخالفين أهل التَّقْنِيْطْ وهم أهل الإفراط، وأهل الأَمْنْ وهم أهل التفريط. وأصل هذا عندهم أنَّ المؤمن وعده الله - عز وجل - بموعدة لن يُخْلِفَها إياه؛ لأنَّ وعد الله - عز وجل - كان مفعولاً ولأنَّ وعد الله - عز وجل - كان مسؤولاً سبحانه وتعالى. فالله - عز وجل - وَعَدَ المؤمن الذي مات على الإخلاص بأن يعفو عنه وأن يدخله الجنة برحمته {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:٥٦] ، وكذلك الله - عز وجل - تَوَعَّدَ من عصاه، تَوَعَّدَ من خالف أمره واتبع هواه، ووعيده قد يَنْفُذْ - عز وجل - ويقع بمن تَوَعَّدَهُ سبحانه وتعالى. فلأجل وعيد الله - عز وجل - فإنَّ من فعل ذنباً ومعصيةً فإنه يُخافُ عليه ولا يُؤْمَنْ جانبه أن يكون ممن دخلوا في الوعيد وعاقبهم الله - عز وجل -. فأهل الإيمان: - منهم المحسن. - ومنهم المسيء. - ومنهم من خَلَطَ عملاً صالحاً وآخر سيئاً، هذا يغلبه تارة وهذا يغلبه تارة. @ فالمحسن المُسَدَدْ نرجو أن يدخله الجنة ربُّه - عز وجل - برحمته. @ والمسيء نخاف عليه أن يُؤْخَذَ بجريرته ونستغفر له ولا نُقَنِّطُهُ من رحمة الله لكن نفتح له باب التوبة وباب الرجاء. هذه الجملة مبنية على أصل خالف فيه أهل السنة والجماعة المعتزلة والخوارج وطائفة من غلاة الصوفية في هذه المسائل. حيث إنَّ أهل السنة أصَّلُوا ما جاءت به الأدلة من أنَّ وعد الله - عز وجل - مَسْؤُول ومفعول، وربنا - عز وجل - لا يُخلف الميعاد، وأنَّ وعيدَه سبحانه وتعالى قد يُدْرِكْ العبد وقد يتخلف، وذلك لأسباب يأتي بيانها إن شاء الله تعالى. فالمقصود من هذه الجملة أنَّ أهل السنة والجماعة يُعْمِلُونَ الوَعْدْ فيرجون للمحسن، ويُعْمِلُونَ الوعيد لأنه قد يتحقق ويخافون على المسيء. ولا يفتحون باب الوعد دون نَظَرٍ في الإساءة كحال المرجئة والصوفية وطوائف. ولا يُعْمِلُونَ حال الوعيد ويقولون بإنفاذه قطعاً وأنه لا يتخَلَّفْ كحال الخوارج والمعتزلة. إذا تبين هذا من حيث الإجمال ففي المقام تفصيل نذكره في مسائل: