للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألةالأولى] :

قوله (نُؤْمِنُ بِالبَعْثِ وَجَزَاءِ الأعْمَالِ) لمَّا عَطَفْ دَلَّ على أنه يريد بالبعث بعض ما يكون في اليوم الآخر، وهو بعث الناس من قبورهم.

والذي دلّت عليه الأدلة أنَّ الله - عز وجل - يأمر المَلَكْ فينفخ في الصور نفخة الصعق فيَصْعَقْ الناس وتموت الخلائق، ثم تمضي أربعون بعد النفخة الأولى ثم يأمر الملك فينفخ نفخة ثانية -وقبلها يأمر الله - عز وجل - الأرواح فتجتمع في الصور الذي ينفخ فيه الملك-، فينفخ فتذهب الأرواح جميعاً من هذا القرن العظيم، والذي ينفخ فيه إسرافيل، فتذهب الأرواح إلى الأجساد، روح كل إنسان إلى جسده.

قبل هذا فيما بين النفخة الأولى والنفخة الثانية تحصل أشياء حتى تحصل حياة الإنسان من جديد وهي أنَّ الله - عز وجل - يُغَيّر الأرض ويُغَيّر معالمها، وتُسَيَّر الجبال وتُدَكْ، والأرض تكون مستوية وتُعَدْ لمسير الناس إلى أرض محشرهم، ويُمْطِرُ الله - عز وجل - مطراً تنبت منه الأجساد شيئاً فشيئاً حتى تتكامل، وتُخرج الأرض أثقالها من المدفونين، ثم بعد ذلك تكون الأجسام كالأشجار بلا أرواح.

فينفخ إسرافيل فتعود الأرواح فتهتزُّ تلك الأجسام فإذا هم قيام ينظرون.

هنا يعني هو الظاهر من مراد الطحاوي بالبعث، يعني قيام الأجساد من القبور.

وهذا الأدلة عليه في الكتاب والسنة كثيرة كقوله - عز وجل - مثلاً في القرآن {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر:٦٨-٦٩] ، وكقوله - عز وجل - {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنْ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (٥١) قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَانُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس:٥١-٥٢] إلى آخره، وكقوله {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَانِ وَفْدًا (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم:٨٥-٨٦] ، ونحو ذلك من الأدلة، ثم بعد البعث يسير الناس إلى محشرهم.

<<  <   >  >>