للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثانية] :

متى وقع الإسراء والمعراج؟

١ - القول الأول:

وهذا عليه أكثر أهل العلم على أنَّ الإسراء والمعراج وقعا قبل الهجرة بسنة، على تباين بينهم في هل السنة تحديداً أم السنة تقريبا؟

- فقال بعضهم سنة إلا شهر.

- وقال بعضهم سنة إلا شهرين.

- وقال آخرون ثمانية أشهر قبل الهجرة.

- وقال آخرون عشرة، إلى آخره.

وإذا تبين هذا الاختلاف في كونه قبل الهجرة بسنة لهذا القول، فإنّ معه عدم تحديد وقوع الإسراء والمعراج في شهر رجب.

واشْتَهَرَ عند المؤرخين، أصحاب السير أنَّ الإسراء والمعراج وقعا في رجب؛ ليلة السبعة والعشرين.

وهذا إنما هو عند طائفة من أهل السّير، وأما أهل العلم المحققون من المحدثين والفقهاء ومن المفسرين فإنهم لا يحملون ذلك على الوقوع في شهر رجب بظهور، وإنما يقولون وقع قبل الهجرة بسنة.

ومعلوم أنَّ الهجرة كانت في شهر ربيع الأول، وإذا كان كذلك فقولهم قبله بسنة يعني أنّ الإسراء والمعراج لم يقع في رجب.

والأكثرون من أهل العلم على أنه أكثر من سنة: سنة وشهرين، سنة وثلاثة أشهر ونحو ذلك، والقليل من قال إنه ثمانية أشهر.

هذا قول أنه كان قبل سنة.

٢ - القول الثاني:

أنه كان قبل ثلاث سنين.

٣ - القول الثالث:

أنه كان قبل خمس سنين، واستدلّوا على ذلك بأنَّ خديجة صلّت وقد ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين أو بخمس سنين، قالوا: كيف تصلي وإنما فُرضت الصلوات في ليلة المعراج؟ فكونها صلت يدلّ على أن المعراج وقع في حياتها، وهي ماتت قبل الهجرة بثلاث أو بخمس سنين.

والجواب عن هذا: أنَّ الصلاة كانت مفروضة ركعتين ركعتين؛ ركعة أول النهار وركعة آخر النهار، كما قالت عائشة رضي الله عنها (فرضت الصلاة أول ما فرضت ركعتين ركعتين، فزيد في صلاة الحضر، وأُقرت صلاة السفر) (١) .

فخديجة رضي الله عنها كانت تصلي؛ ولكن لم تكن الصلاة المفروضة؛ الصلوات الخمس التي فرضت ليلة المعراج.


(١) البخاري (٣٥٠) / مسلم (١٦٠٢)

<<  <   >  >>