للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الرابعة] :

أهل القبلة هم من يُوصَفُ بالإسلام، والذين يُوصفون بالإسلام أنواع:

١- النوع الأول: المؤمنون الصالحون.

٢- النوع الثاني: مسلم له فجور بمعاصٍ مختلفة.

٣ - النوع الثالث: مسلم له فجور بمعاصٍ خاصة يأتي بيانها.

٤ - النوع الرابع: المنافق.

@ أما القسم الأول: فالصلاة على من مات منهم قُرْبَةْ وحَقْ، في أنَّهُ إذا مات المسلم المُسَدَّدْ أن يُصَلَّى عليه وأن تُشهَدَ الصلاة عليه وأن تُشهَدَ جنازته لأنَّ هذا من حق المسلم على المسلم.

@ وأما القسم الثاني: أن تكون الصلاة على من له فجور عام؛ يعني المعاصي المختلفة، هو ممن خَلَطَ عملاً صالحاً وآخر سيئا وعُرِفَ بذلك في معاصٍ مشهورة عنه، فهذا يُصَلَّى أيضاً عليه بإطلاق، ولا يُشرَعُ التخلف عن الصلاة عليه إذا كان غير داعٍ ومُعْلِنٍ لهذا الفجور بدعوة غيره إليه.

@ أما القسم الثالث: من أهل الإسلام هو من له فجور بكبائر خاصَّةْ، وهي التي جاء الدليل بأن يَتْرُكَ طائفة الصلاة عليه، مثل الغَالْ، ومثل من قَتَلَ نفسه، وأشباه هذه الذنوب، ومن أقيم عليه الحد -حد القتل- وأشباه ذلك، فهذا يُصَلِي عليه بعض المسلمين ويترك الصلاة عليه أهل الشَّارَةْ والعلم، كما جاءت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

@ وأما القسم الرابع: أهل النفاق، والنفاق قسمان:

١- القسم الأول: نفاق يعلمه كل أحد، وهذا لا يكون في المسلمين لأنه يكون زنديقاً؛ يعني مُعْلِنْ الاستهزاء بالله - عز وجل - في كتبه أو في قصائده أو نحو ذلك، مُعْلِنْ عدم الإيمان بالقرآن ولا بالمعاد وأشباه ذلك فهذه زَنْدَقَةٌ ظاهرة.

ب - والقسم الثاني نفاقٌ خَفِي يَعْلَمُهُ البعض ولا يَعْلَمُهُ البعض.

& أما القسم الأول وهو الظاهر فهو لا يجوز الصلاة على من كان زنديقاً أو منافقاً وذلك لقول الله - عز وجل - في المنافقين {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة:٨٠] ، إلى آخر الآية، وقال - عز وجل - أيضا لنبيه {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة:٨٤] ، فمن كان معلوماً ظاهراً النفاق منه -الزندقة، محاربة الدين والزندقة الظاهرة، الكفر الظاهر مما يكون معه المرء منافقاً خالص النفاق- فهذا لا يُصَلَّى عليه فيجب على المسلمين أن لا يُصَلُّوا عليه؛ لأنه حينئذ لا يكون من أهل القبلة بالوصف العام.

& وأما القسم الثاني وهو من نفاقه مُلْتَبِسْ، هل هو منافق أم ليس بمنافق؟

فهذا من عَلِمَ نفاقه بيقين له أن لا يصلي عليه، إذا حَضَرَ في المسجد أو نحو ذلك، فإنه إذا علم نفاقه بيقين فإنه لا يُصَلِّيْ عليه ويترك البقية يصلون لأنَّ الصلاة عليه هي باعتبار الإسلام الظاهر ولم يظهر منه ما يخالف هذا الأصل.

ويدل على ذلك أنَّ عمر رضي الله عنه كان لا يصلي على من لا يعلم حاله إلا إذا صَلَّى عليه حذيفة؛ لأنَّ حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأسماء المنافقين، فكان عمر بن الخطاب الخليفة الرّاشد ينظر هل يُصَلِّي عليه حذيفة أم لا يصلي عليه؟

فإن صَلَّى عليه حذيفة أو توجه للصلاة عليه أو لم يحكم عليه فإنه يصلي عليه.

وهذا يدل على التفريق في هذه المسائل، ما بين ما يُعْلَمُ من حال المنافق وما لا يُعْلَمُ.

فمن عَلِمَ حاله لم يُصَلَّ عليه ومن لم يعلم فإنه يُصَلِّي عليه، ولا يَلْزَمُ من عَلِمْ أن يُعْلِنَ وينهى الآخرين عن الصلاة عليه؛ لأنَّ الأصل هو ظاهر الإسلام.

وقد قرَّر الأئمة من أهل السنة أنَّ المنافق له أحكام المسلمين؛ لأنَّ له حكم الإسلام الظاهر فيرث ويورث ويُصَلِّيْ عليه من لا يعلم حاله ونحو ذلك مما هو من آثار الإسلام الظاهر (١)


(١) انتهى الشريط الثاني والثلاثون.

<<  <   >  >>