نرجع إلى قول الطحاوي هنا (وَلَا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِذَنْبٍ، مَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ) أُخِذَ على الطحاوي أنه قال (بِذَنْبٍ) وهذا يفيد أنه لا يُكَفِّرْ بأي ذنب.
قال (وَلَا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِذَنْبٍ، مَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ) يعني أنَّ أي ذنب لا يُكَفَّرُ به حتى يستحله.
وهذا ليس هو مُعْتَقَدْ أهل السنة والجماعة على هذا الإطلاق وإنما يُعَبِّرُونَ بتعبير آخر وهو مراد الطحاوي يقولون (ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بمجرّد ذنب) كما يقوله طائفة من أئمة الدعوة، أو (لا نكفر أحداً من أهل القبلة بكلّ ذنب) كما يقوله أيضاً طائفة من العلماء المتقدّمين ومنهم شارح الطحاوية تبعاً لغيره.
فإذاً قول الطحاوي (وَلَا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِذَنْبٍ) المقصود به الذنوب العملية من الكبائر كالخمر والزنا والسّرقة وقذف المحصنات والتولي يوم الزحف ونحو ذلك من كبائر الذنوب العملية التي كَفَّرَ الخوارج بها.
ويدل على هذا أنَّ العقيدة مُصَنَّفَةْ لبيان ما يخالف به أهل السنة أهل البدع والخوارج وما تميزت به الجماعة، ومعلوم أنَّ الخوارج خالفوا في تكفير مرتكب الكبيرة مثل القتل والزنا وشرب الخمر والسرقة وأشباه ذلك، فخالفهم بهذا القول، يعني لا نكفر بهذه الذنوب.
(بِذَنْبٍ) يعني من الذنوب العَمَلِيَّة التي كفَّرَ بها الخوارج أو خلَّدَ أصحابَها في النار المعتزلةُ.
ويدل عليه أنه قال بعدها (مَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ) والاستحلال غالبه في الذّنوب العملية.