للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال هنا (مُمِيتٌ بِلا مَخَافَةٍ، بَاعِثٌ بِلا مَشَقَّةٍ)


يعني أنّه سبحانه يميت من شاء أنْ يُمِيتَهُ، ويُفْقِدَ من شاء أن يُفقده الحياة، لا لخوف من هذا الذي أفقده الحياة أن يعتدي على مقام الربّ - عز وجل -؛ ولكن لحكمته سبحانه.
فهو الذي أحيا وأمات، وهو الذي أفقر وأغنى سبحانه لحكمته البالغة العظيمة.
فهو فيما يُحيي لم يُحيِ لحاجة، وفيما أمات سبحانه ما أمات لمخافة؛ بل هو سبحانه الذي يحيي ويميت لحكمة بالغة.
فقال هنا (مُمِيتٌ بِلا مَخَافَةٍ) والمخلوق البشر أو غير البشر يعتدي بالإماتة على من يخاف من شره.
وهذا دليل النَّقص في المخلوق؛ لأنه لمَّا لم يكن دافعًا عن نفسه إلا بهذا الفعل صارت في المخلوق هذا من صفات النقص في أنه يميت لمخافته.
وهذا لا يدخل فيه معنى مشروعية الجهاد لأنَّ هذا لمعنىً آخر لا يتعلق بالمخلوق، بل يتعلق بحق الله - عز وجل - وإقامة دينه وإعلاء كلمته.
فهذا معنى قوله (مُمِيتٌ بِلا مَخَافَةٍ) .
وأنه سبحانه (بَاعِثٌ بِلا مَشَقَّةٍ)
باعث الخلق بعد موتهم سواءٌ في ذلك بَعْثُ المكلَّفين أو بَعْثُ غير المكلَّفين بلا مشقة تلحقه سبحانه، {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان:٢٨] ، وهذا لكمال صفات الرب - عز وجل -.
إذا تبين لك ذلك، فإنَّ في هذه الجملة من كلامه مسائل أعني قوله (مُمِيتٌ بِلا مَخَافَةٍ) فيها مسائل:

<<  <   >  >>