للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال بعدها رحمه الله (وَنُحِبُّ أَهْلَ الْعَدْلِ وَالْأَمَانَةِ، وَنُبْغِضُ أَهْلَ الْجَوْرِ وَالْخِيَانَةِ)


الحب والبغض من مسائل النفس التي يدخلها الهوى.
وقاعدة الشريعة والقرآن والسنة والصحابة أنَّ العبد لا يكون حقيقةً مستسلماً حتى يتخلّص من هواه.
ومِنَ الهوى الذي يُتَخَلَّصُ منه الهوى في مَحَبَّتِهِ والهوى في بُغْضِه، ونستغفر الله ونتوب إليه.
فمن أَحَبَ ما يُحِبُّ الله - عز وجل - ورسوله، ومن يُحِبُّ الله - عز وجل - ورسوله فقد تَخَلَّصَ من هواه، ومن أبْغَضَ ما يُحِبُّ الله - عز وجل - ورسوله من الحق أو أبْغَضَ من يُحِبُّهُ الله ورسوله فلم يتخلّص من هواه؛ بل الهوى هو الذي قاده إلى ذلك.
ولهذا كان من أعظم ما يتميز به أهل السنة والجماعة أئمة الحديث والأثر الذين تخلَّصُوا من أهوائهم أنهم أهل عدل في أقوالهم حتى مع مخالفيهم، فيُحِبُّونَ أهل العدل؛ لأنَّ الله يُحِبُّهُم وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم، ويُحِبُّونَ أهل الأمانة؛ لأنَّ الله - عز وجل - يحبهم ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويبغضون أهل الجور والخيانة لأنَّ الله - عز وجل - ورسوله صلى الله عليه وسلم يبغضونهم.
فإذاً أصل هذه الجملة أساسها أنَّ محبة المؤمن المتبع لعقيدة السلف وبُغضَهُ يكون تبعاَ لنص الكتاب والسنة فيما يُحِبْ وفيما يُبْغِضْ، كما قال - عز وجل - {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:٦٥] ، وفي الحديث «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به» (١) وهذا الإيمان الكامل هو الذي يتخلص فيه صاحبه من الهوى.
وهاهنا مسائل قليلة:

<<  <   >  >>