وهي في الدِّلالة العقلية، دلالة العقل على علو الله - عز وجل - بذاته على خلقه.
ودلالة العقل متنوعة وكثيرة؛ لكن نكتفي منها بدليل عقلي واحد، وهو أنّ الله - عز وجل - موجود سبحانه وتعالى بالاتّفاق، يعني كل من أثبت الله - عز وجل - أثبت وجوده، حتى جهم الذي ينفي جميع الصفات يثبت وجود الله - عز وجل -.
فنقول لجميع هذه الفئات أنّ الوجود قَدْرٌ مشترك، فالله - عز وجل - موجود، وخلق الله - عز وجل - أيضا موجودون.
وهذان الوجودان إما أن يتمايزا وإما أن يتداخلا.
فإن تداخلا -يعني صار أحدهما داخل الآخر-:
إما أن يكون الخَلْقْ محيطون والله - عز وجل - في داخل خلقه
وإما أن يكون الخَلْقْ في داخل الله - عز وجل -.
خَلْقْ الله - عز وجل - والكائنات منها أشياء مستقبحة (١) ومستقذرة وقبيحة مثل النجاسات ومثل القاذورات ومثل الأشياء التي لا يُصَرَّحُ بها ونحو ذلك استقذاراً واستهجانا وبعض المخلوقات السيئة ونحو ذلك، وهذه لا أحد - من جميع من يبحث هذه المسائل- يقول بجواز أن تكون في داخل الله - عز وجل -.
فإذاً تَحَصَّلَ الأمر إلى أنَّه يتعَيَّنْ أن يكون الله - عز وجل - عالياً على خلقه لأنَّ الإختلاط يقتضي هذا المعنى العقلي الفاسد، وكون الله - عز وجل - في داخل خلقه هذا فيه نَقص لله - عز وجل -.
وهذا برهان عقلي صحيح، وذلك لأنه مبني على مقدمتين وهاتان المقدمتان إثباتهما مُشْتَرَكْ بين جميع الجهات:
- المقدمة الأولى: وجود الله - عز وجل -.
- المقدمة الثانية: تنزه الله - عز وجل - عن أن يكون في داخله شيء مما يُسْتَقْبَحْ أو يُسْتَقْذَرْ.