للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة السادسة] :

قال في آخر هذه الجملة (وَلَا نَقُولُ بِخَلْقِهِ، وَلَا نُخَالِفُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ) .

في قوله (وَلَا نَقُولُ بِخَلْقِهِ) بخصوصها يعني:

- أنَّ مُعْتَقَدْ الصحابة رضوان الله عليهم ومُعْتَقَدْ التابعين وتبع التابعين وأئمة الإسلام وأئمة أهل السنة والجماعة ومُعْتَقَدْ عامة المنتسبين إلى الإسلام أنَّ القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود سبحانه وتعالى.

- نَّ القول بخلقه ضلال وخروج عن جماعة المسلمين؛ يعني عن ما اجتمع عليه المسلمون من زمن الصحابة إلى زمن المؤلف؛ بل إلى زمننا الحاضر.

والقول بخلق القرآن هذه عقيدة فُتِنَ بها كثيرون؛ لكنهم شواذ وقلة بالنسبة لعموم الأمة.

وأول ما نَشَأْ القول بخلق القرآن من جهة الجَعْدْ بن درهم ثم الجهم بن صفوان ثم أخذه المعتزلة فَنَصَرُوهُ واستدلُّوا له.

القول بخلق القرآن الكلام عليه يطول جداً.

ومما يُؤْسَفُ له ويَجِبُ جِهَادُهُ أيضاً أنَّ بعض الضُّلال والمفتونين بَدَؤُوا ينشرون لهذه الفكرة عن طريق بعض وسائل الإعلام والقنوات والمناقشة فيها، كما نشرته بعض الإذاعات فيما ذُكِرَ لي في مناظرات تتصل بذلك، وجَعْلْ الناس -يعني العامة- يتكلمون في هذه المسألة.

وهي فتنة مشابهة للفتنة الأولى من حيث الابتداء.

فنسأل الله - عز وجل - أن يكبِتَ شر من يريد صرف الأمة عن حُسن الاعتقاد وإضلال عامّة المسلمين.

من قال بخلق القرآن طوائف في هذه الأمة منهم: الجهمية والمعتزلة والخوارج والرّافضة.

والخوارج اليوم يوجد منهم طائفة الإباضية وهم من أخصِّ فرق الخوارج قولاً واعتقادات، ويوجدون في أكثر من مكان في العالم الإسلامي في الجزيرة وفي ليبيا وفي الجزائر وفي أنحاء أُخَرْ، ولهم كتب كثيرة ومصَنَّفَة في العقيدة وفي الفقه يعني تبلغ عشرات المجلدات أو أكثر.

هم الذين ينصرون اليوم القول بخلق القرآن في مؤلفاتهم.

ومنهم اليوم الرافضة وعقيدتهم أيضاً في القرآن بأنه مخلوق.

وكذلك الزيدية يعتقدون هذا الاعتقاد.

ومن العجب أنَّ بعض المنتسبين للسنة من أئمة الحديث أو ممن حاربوا التقليد ونصروا الدّليل لأجل ما راج في بلده اشتبهت عليه هذه المسألة، وهو العلامة الشّوكاني رحمه الله، فإنه اشتبهت عليه مسألة خلق القرآن؛ لأجل ما شاع في بلده وذهب فيها إلى الوَقْفْ، وذَكَرَ ذلك في تفسيره.

فهذه الطوائف المعتزلة، والعقلانيون أيضاً في عصرنا الحاضر جماعة من العقلانيين من المنتسبين إلى الإسلام، يعني من المسلمين، وممَّن يدَّعون غير ذلك أيضاً هم ينصرون مذهب المعتزلة في خلق القرآن. (١)

فإذاً مسألة خلق القرآن كغيرها من مسائل الاعتقاد لا يُقَالُ ذهبت أبداً بل هي باقية، فطالب العلم يتعلم أدلة ذلك حتى يجادل بالقرآن من قال بخلقه والعياذ بالله.

وهذه مسائل تحتاج إلى إيضاح طويل وتفصيل للكلام على الأدلة والخلاف في ذلك مما له موضع آخر إن شاء الله تعالى.


(١) انتهى الوجه الأول من الشريط الخامس والعشرين.

<<  <   >  >>