للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثامنة] : (١)

في قوله (فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى) (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ) الصلاة هنا على النبي صلى الله عليه وسلم من الله جل جلاله معناها الثناء عليه صلى الله عليه وسلم فإنَّ الصلاة لها استعمالات:

- فالصلاة من الله - عز وجل - على عبده، على الأنبياء والمرسلين وعلى المؤمنين {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب:٤٣] ، تكون الصلاة من الله - عز وجل - بمعنى الثناء؛ يعني يُثني على نبيه في الملإ الأعلى.

(اللهم صلِّ على محمد) يعني اللهم أثْنِ على محمد في الملإ الأعلى بما هو أهله صلى الله عليه وسلم.

- والصلاة من الملائكة على المؤمنين هو الدعاء لهم والاستغفار {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} يعني الملائكة تدعو لابن آدم: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، تستغفر له كما قال - عز وجل - {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر:٧] .

- والصلاة من العبد للعبد: اللهم صلِّ على فلان؛ يعني اللهم أثني على فلان، صليتُ عليك أو لك؛ يعني دعوت لك، لهذا قال - عز وجل - {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة:١٠٣] .

إذا تبين ذلك، فالصلاة من الله - عز وجل - مُخْتَصَّة بالأنبياء والمرسلين.

يعني لا يقال على وجه الانفراد (اللهم صلَّ على فلان) إلا أن يكون نبياً أو رسولاً.

أما غيرهم فلا يُصَلَّى عليه على وجه الانفراد، وقد يُصَلَّى عليه على وجه التَّبَع (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) ، (اللهم صل على محمد وآله وصحبه) ، (صلى الله عليه وآله وصحبه) ، هذا يجوز من جهة التّبع، أما من جهة الاستقلال فلا يقال: (صلى الله على آل محمد،) فقط، (صلى الله على الصحابة) فقط.

وقد يجوز على المفرد إذا لم يكن شعاراً، مَرَّة مرتين تارةً تارتين ونحو ذلك، ولا يكون شعاراً، كما قال صلى الله عليه وسلم لما جاءه ابن أبي أوفى بالصدقة قال «اللهم صل على آل أبي أوفى» (٢) ، هذا دعاء لهم، هذا يكون على وجه الانفراد، ولا يكون شعاراً.

فإذاً لا يكون شعاراً أَنَّا نُصَلِي على عَلِيٍّ رضي الله عنه، كلما ذكر علي رضي الله عنه قلنا عليه السلام، أو بعض الآل نقول عليهم الصلاة والسلام أو نحو ذلك، فهذا مخالف للهدي هدي الصحابة رضوان الله عليهم.

تجوز الصلاة على المفرد بشرطين -ذكرتهما لك-:

١- الشرط الأول: ألا تكون دائماً، بمعنى أن تكون أحياناً.

٢- الشرط الثاني: أن لا تكون شعاراً على شخص أو على مجموعة؛ مثل الأئمة (صلى الله على الأئمة) ، هذه كلها من شعارات أهل البدع.

هذا ما يتعلّق بهذه الجُمَلْ، ونؤجل الكلام على الحوض في المرة القادمة إن شاء الله تعالى.

هذا الدرس حسب رغبة الكثيرين يكون كالعادة آخر درس لأجل قُرب الاختبارات، ونواصل إن شاء الله مع اليوم الأول من الدّراسة -إن شاء الله تعالى- بعد العيد، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.


(١) هذه المسألة لم يجعلها الشيخ مستقلة، وإنما قمت بجعلها مستقلَّةً تمييزاً لها.
(٢) البخاري (١٤٩٧) / مسلم (٢٥٤٤) / أبو داود (١٥٩٠) / النسائي (٢٤٥٩) / ابن ماجه (١٧٩٦)

<<  <   >  >>