ووقفنا عند قوله (مُمِيتٌ بِلا مَخَافَةٍ، بَاعِثٌ بِلا مَشَقَّةٍ) وهذا كالجمل التي قبله، فيها إثبات كمال الرب - عز وجل -، وأنه في كمالاته وصفاته غير مماثل لخلقه، بل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١] . فذَكَرَ فيما تقدم جملة من صفات الرب - عز وجل - وأنه في اتصافه بتلك الصفات لا يماثل المخلوق الذي إذا اتصف بصفة فهو لحاجته لمقتضى تلك الصفة ولضعفه ولافتقاره، والله جل جلاله متَّصِف بصفات الكمال التي مرجعها إلى أنه سبحانه هو الغني الحميد. هو الغني غير محتاج لمقتضى صفاته وغير محتاج سبحانه لأثر تلك الصفة. بل هو سبحانه وتعالى فيما يفعل، يفعلُ لحكمة لا لحاجة - عز وجل -. فخَلْقُهُ سبحانه وتعالى للخلق بلا حاجة، ورَزْقه سبحانه وتعالى لهم لحاجتهم إليه لا لحاجته سبحانه وتعالى إليهم، كما مرّ معنا على حد قول الله - عز وجل - {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُم الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر:١٥] . وجميع صفات الكمال ترجع إلى صفة الغنى وصفة الحمد له سبحانه، وإلى هذين الاسمين العظيمين الغني والحميد، سواءٌ في ذلك صفات الجلال، أو صفات الجمال، صفات الربوبية، أو الصفات التي ترجع إليها معاني العبودية للرب جل جلاله.