يقول العلامة الطحاوي رحمه الله (وَنَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ.) يريد بذلك أَنَّ أهل السنة والجماعة المتبعين للآثار لا يُعَارِضُون الآثار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صحابته الكرام بالأقْيِسَةْ أو بالدِّلالات العقلية، وإنما يجعلونها مُقَدَّمَةً على ما هو دونها من القياس والدلالة العقلية ونحو ذلك؛ لأنَّ منهج الاستدلال عندهم أنْ يُؤْخَذَ بما جاء في الكتاب والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما جاء في القرآن حق وما جاءت به السنة حق، والحق يعضد الحق ولا يعارضه أو يناقضه؛ بل هذا يدل على هذا كما السنة تدل على القرآن وتُبَيِّنُهْ. وهذه المسألة كما هو ظاهر مسألة المسح على الخفين هي من مسائل الفقه لا من مسائل العقيدة؛ ولكن أُدْخِلَتْ في مسائل الاعتقاد لأجل أنَّ أهل السنة تميَّزُوا عن عدد من الفرق بأنَّهُمْ يرون المسح على الخفين، والمخالف في ذلك هم الخوارج -أعني طائفةً منهم- والرافضة وعدد من الناس مختلفون في أماكنهم لا يُنْسَبُونَ إلى فرقة من الفرق. فلأجل مخالفة تلك الفرق صارت المسألة من المسائل العقدية؛ لأنَّهَا تُمَيِّزْ أهل العقيدة الحقة من الفرق الباطلة، فصارت هذه المسألة وهي المسح على الخفين صارت عَلَمَاً يُفَرَّقُ به ما بين السني وما بين الرافضي والخارجي ونحوهما. ولهذا فإنَّ مسائل الاعتقاد أعني المسائل التي تُذْكَرْ في العقيدة في مصنفات أهل السنة في الماضي وفي الحاضر على أقسام منها: ١- القسم الأول: ما هو في بيان الأركان الستة. ٢- القسم الثاني: ما تميَّز به أهل السنة عن غيرهم في مسائل المعاملة؛ معاملة ولاة الأمر أو معاملة المبتدع أو معاملة العصاة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو التعامل مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجاته صلى الله عليه وسلم وهكذا. ٣- القسم الثالث: ما هو من المسائل الفُروعية لكن القول بها صار عَلَمَاً لأهل السنة في مقابلة بعض فرق الضَّلالْ، فتُذْكَرْ في العقائد؛ لأنها مَيْزَةٌ لهم في مقابلة الفِرَقْ التي خالفت في ذلك. ٤- القسم الرابع: أخلاق أهل السنة وصفاتهم التي تَحَلَّوا بها من العبادة واحتقار النفس والعمل الصالح والأمر والجهاد والدعوة والإحسان إلى الخَلْقْ والتواضع ونحو ذلك من المسائل التي ربما ذكرها بعض الأئمة في مصنفات الاعتقاد. وهذه المسألة التي ذكرها الطحاوي هنا من القسم الثالث وهي المسائل الفروعية التي صارت عَلَمَاً لأهل السنة في مقابلة بعض الفرق الضالة. وهاهنا مسائل: