ذكر لك الشارح هنا -ابن أبي العز رحمه الله- أحوالاً متنوعة فيمن ادَّعَى أشياء مخالفة للكتاب والسنة وإجماع الأمة ترجع إليه فيها.
وننبه زيادة على ذلك من أنَّ طائفة - أظنه ذكرها في هذا الموضع- أسْمَتْ نفسها بـ:(الطائفة المَلَامَكِيَّةْ) أو (الملامِيَّةْ) وهذه الطائفة من الصوفية نشأت في أواخر القرن الثامن الهجري تَزَعَّمَهَا طائفة من الزُّهَادْ والعُبَّادْ الذين أرادوا تصفية النفوس وتحقيق الإخلاص، فصاروا يُظْهِرُونَ حالاً خلاف ما هم عليه، يُظهرون المعصية، يُظْهِرونَ خلاف الطاعة، يُظْهِرونَ التفريق في الواجبات، لأجل أن يذمهم الناس وهم في الحقيقة في داخلهم ليسوا على هذا الأمر ويكرهونه وهم من أهل العبادة والزهد.
فأرادوا الإخلاص عن هذا الطريق، وهذه لا شك حال تخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة في أنَّ العبد المُكَلَّفْ يجب عليه أن يستقيم على الطاعة وأن يُحَقِّقَ الإخلاص كما أمره الله - عز وجل - في حاله ظاهراً وباطناً.
فإذن هذه الجملة (وَلَا مَنْ يَدَّعِي شَيْئًا يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الْأُمَّةِ) تدلُّ على عدم تصديق كل من ادَّعَى الوَلَاية وهو يَدَّعِي شيئاً من علم الغيب أو يَدَّعِي شيئاً من المقامات العلية أو من الوحي أو من الإلهام مما يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة.