في قوله (إِلَّا مَا يُطِيقُونَ) الطاقة هنا بمعنى الوُسْعْ والتَمَكُنْ؛ يعني ما يمكن أن يفعله وما يَسَعُهُ أن يفعله من جهة قدرته على ذلك.
فيكون معنى الكلام أنَّ الرب - عز وجل - لا يطلب من الإنسان، لا يطلب من الناس؛ بل من الجن والإنس؛ من المكلفين، لا يطلب منهم شيئاً فوق وسعهم؛ بل إنَّ بعض الأوامر والنواهي قد تكون في حق البعض خارجة عن الوُسْعْ فتسقط في حقهم لقوله {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:١٦] ، وقوله {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}[النور:٦١] .
فبعض التكاليف -بعض الأوامر- تكون في حقِ بَعْضٍ في الوُسْعِ والطَّاقَةْ وفي حق بعضٍ خارجة عن الوسع والطاقة فتسقط عن بعضٍ وتجب على بعض.
فيكون إذاً عدم تكليف ما لا يُطَاقْ فيه التفصيل: بأنه - عز وجل - لا يُكَلِّفُ الفرد المؤمن فوق طاقته.
وهذا يعني أنَّ إطلاق الكلمة (لا يكلف الله - عز وجل - بما لا يُطاق) يعني في جهتين:
- الجهة الأولى: في أصل التشريع فهو - عز وجل - الأعلم بخلقه.
- الجهة الثانية: في التشريع المُتَوَجِّهْ إلى الفرد بعينه، فإنَّه - عز وجل - لا يُكَلِّفُ المسلم المُعَيَّنْ بما لا يطيق، وقد يكون ما لا يطيقه فلان يطيقه الآخر.