للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ حَقٌّ، وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنِ الْعَرْشِ وَمَا دُونَهُ، مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَفَوْقَهُ، وَقَدْ أَعْجَزَ عَنِ الْإِحَاطَةِ خَلْقَهُ.


قال رحمه الله (وَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ حَقٌّ.)
قدَّمتُ لك معنى قوله (حَقٌّ) فيما سبق وأنَّ معنى ذلك أنّ العرش والكرسي يُؤْمَنُ به على ظاهره كما جاء في النصوص، وأنَّهُ ليس بالباطل؛ بل هو موجود كما وصف الله - عز وجل -، فهو حق ثابت لا مِرية فيه.
قال هنا رحمه الله (وَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ حَقٌّ) وسبب إدخاله هذه المسألة في العقائد أنَّ أهل البدع خالفوا أهل السنة في تفسير العرش وفي تفسير الكرسي.
فلما كانوا مخالفين لما دَلَّ عليه الدليل وكان عليه الصحابة ومن تبعهم بإحسان، رضي الله عن الصحابة ومن تبعهم، فإنهم قد خالفوا في أمرٍ غيبي، ومن خالف في أمرٍ غيبي فقد خالف ما يجب معه عقد الإيمان.
لأنَّ من سمة المؤمن بما أثنى الله - عز وجل - عليه أن يؤمن الغيب كما قال - عز وجل - في الثناء على خاصة عباده {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة:٢-٣] .
فوصف المتقين بأخص الصفات وهي الإيمان بالغيب، وهذه صفة أهل الإيمان.
جَعَلَ الله - عز وجل - أهل الإيمان لا يرتابون في الكتاب وسبب ذلك أنهم يؤمنون بالغيب فمدارُهُ على التسليم.
لذلك فإنَّ المخالفين للكتاب الذين عقدوا ألوية البدعة تَأَوَّلُوا وحَرَّفُوا أكثر الأمور الغيبية كما سيأتي بيانه.
لذا كان لإدخال الإيمان بالعرش والكرسي في هذه العقيدة المختصرة مَأْخَذُهُ.
ولا شكّ أنَّ الإيمان بالعرش والكرسي حقٌّ على ما جاء في ظاهر الأدلّة.
دلّ قوله (وَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ حَقٌّ) على أنّ معتقد أهل السنة والجماعة أنَّ العرش غير الكرسي فالعرش شيء والكرسي شيء آخر وكلاهما حقٌ.
إذا تبين هذا كتقريرٍ لهذه الجملة، فإنَّ بحثها يمكن أن يكون في هذه المسائل:
& أولاً العرش

<<  <   >  >>