أننا مع ذلك كله فإننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء.
أهل السنة أهل رحمة لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان رحيماً بهذه الأمة، فيرِثُ أهل السنة الرحمة من صفاته صلى الله عليه وسلم، فيرحمون هذه الأمة، ومن رحمتهم لها أنهم يرجون لأهل الإحسان ويخافون على أهل الإساءة.
ورجاؤُهُم لأهل الإحسان يحمِلُهُم على أن يَدْعُو لهم وأن يُصَلُّوا عليهم إذا ماتوا؛ لأنَّ حق المسلم على مسلم ست ومنها أنه إذا مات يُصَلِّي عليه ويدعو له.
وتَحْمِلُهُم الرحمة للمسيء أنه إذا مات على الإساءة أنه يُخافُ عليه الإساءة، فيُسْأَلْ الرب - عز وجل - أن يغفر له ذنبه وأن يتجاوز عن خطيئته وأن يبارك له في قليل عمله، ونحو ذلك من آثار الرحمة.
ولهذا يدعو المسلم لجميع المسلمين لمن كان منهم صالحاً ومن كان منهم غير صالح؛ بل من الدعاء الذي تداوله أهل السنة والعلماء أن يُسأَلْ الرب - عز وجل - أن يُشَفَّعَ المحسن في المسيء، وأن يُوهَبْ المسيء للمحسن، مثل ما في دعاء القنوت الذي يتداوله الأكثرون: وهب المسيئين منا للمحسنين، (هب المسيئين) يعني من كان مُسيئَاً عاصياً عنده ذنوب هبه للمحسن فَشَفِّعْ المُحْسِنَ فيه في هذا المقام بالدعاء.
وهذا كله من آثار الرحمة التي كان عليها صلى الله عليه وسلم، فإنه كان بهذه الأمة رحيماً؛ بل كان رحمةً للعالمين صلى الله عليه وسلم.
فإذاً نرجو للمحسن ونخاف على المسيء، ولرجائنا للمحسن آثار، ولخوفنا على المسيء آثار.
فرجاؤنا للمحسن يحمِلُنَا على توليه وكثرة الدعاء له ونُصْرَتِهِ واقتفاء أثره.
وخوفنا على المسيء يحملنا على الدعاء له والاستغفار ونحو ذلك، فكان أسيراً للشيطان، ونسأل الله - عز وجل - له المغفرة الرضوان.