الواجب على طلبة العلم الذين يريدون أن يسلُكُوا هذا السبيل أن يُلْزِمُوا أنفسهم مع أهل العلم السابقين والأئمة الذين أشادوا للدين بنياناً وللعلم أركاناً، واجبٌ عليهم أن يدافعوا عنهم وأن يُثْنُوا عليهم وأن ينشروا في الناس سيرتهم حتى يُقْتَدَى بهم وحتى يقوى ركن علماء الشريعة.
وهكذا أيضاً واجبٌ على طلاب العلم أن لا يقعوا في أحدٍ من العلماء بسوء، فمن أصاب من أهل العلم من أهل الحديث والأثر أو من أهل الفقه والنظر فقد أحسن ويُثْنَى عليه ويُتَابَعْ فيما أصاب فيه، ومن أخطا فأيضاً قد أحسن إذ اجتهد؛ لكن الصواب من الله تعالى.
وهذا لا يدخل في العلماء الذين نشروا الشّرك والبدع والخرافات ولم يكن لهم حظ لا من الحديث والأثر ولا من الفقه والنظر، وإنما سَخَّرُوا جهدهم في مخالفة السنة في البدع، فأرادوا نشر البدعة ونشر الخرافة ودافعوا عن الشرك وعَلَّقُوا الناس بالموتى وعَلَّقُوا الناس بالبدع والاحتفالات وأشباه ذلك.
فهؤلاء لا يدخلون في هذا الكلام الذي ذكره؛ لأنهم أرادوا ما خالفوا به إجماع الأئمة الأربعة.
هؤلاء يُرَدْ عليهم وربما يُحتَاج من باب التعزير إلى ذكرهم بما فيهم حتى يحذرهم الناس.
* تنبيه أخير: إلى أنَّ قول الطحاوي في أول الكلام (وَعُلَمَاءُ السَّلَفِ مِنَ السَّابِقِينَ) قال بعدها (وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ) ، كلمة (وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ) فيما أفهم أنه لا يريد بها التابعين عند أهل الاصطلاح؛ يعني التابعين الذين صحبوا الصحابة، وإنما يريد بهم من تبع علماء السلف على اصطلاحه؛ لأنَّ التابعين ما فيهم هذا التقسيم أهل الحديث وأهل النظر، التابعون والصحابة ما فيهم هذا التقسيم أهل الحديث وأهل النظر إنما هذا التقسيم فيمن بعدهم.