[المسألة الثانية] :
الأنبياءُ والرُّسُلُ درجات في الفضل والمنزلة عند الله - عز وجل -، وهذا التفضيل جاء في قوله تعالى في سورة البقرة {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة:٢٥٣] ، فنُؤْمِنُ بأنَّ الرسل والأنبياء بعضهم أفْضَلُ من بعض، وليسوا على مرتبة واحدة.
أوّل الأنبياء آدم عليه السلام، وآخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم.
وأوّل الرسل نوح عليه السلام، وآخر المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
فآدم نبي كما جاء في الحديث الصحيح «آدم نبي مكلّم» وينطبق عليه حد النبي لأنَّ الله - عز وجل - أوْحَى إليه وكَلَّمَهُ سبحانه وتعالى.
من الأنبياء والمرسلين أولو العزم من الرسل وهم الذين جاء فيهم قول الله - عز وجل - {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:٣٥] .
واختلف العلماء في أولي العزم من الرسل من هم؟ على أقوال كثيرة:
القول الأول:
أنَّ كل رسول هو من أولي العزم، ومعنى أُولِيْ العَزْمْ يعني أولي الصبر والمصابرة والجَلَدْ والتجلد في دين الله - عز وجل -، فهم أهل عزم قوي في مواجهة أعداء الله وأهل صبر ومصابرة.
فهذا القول أنَّ كل رسول هو من أولي العزم.
ما معنى قوله إذاً {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} ؟
قالوا {مِن} هنا ليست تبعيضية بل بيانية، مثل ما تقول الرجل من القوم.
يعني فاصبر كما صبر أولو العزم من الناس؟ لا؛ من الرسل.
والرسل كلهم على هذا، فتكون {مِنَ} هنا على هذا التفسير بيانية لا تبعيضية.
٢ - القول الثاني:
أنَّ أولي العزم من الرسل هم ثمانية عشرة رسولاً وهم المذكورون في سورة الأنعام.
٣- القول الثالث:
أنَّ أولي العزم من الرسل خمسة وهم المذكورون في سورة الأحزاب وسورة الشورى، قال - عز وجل - {شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى:١٣] ، فَجَمَعَ خمسة الرسل وهم المذكورون أيضاً في سورة الأحزاب.
وهذا القول بأنهم الخمسة هؤلاء، هو الأظهر والأرجح ويَدُلُّ له ويُقَوِّيه أنَّ هؤلاء الخمسة هم الذين يستغيث الناس بهم يوم القيامة من شدة الحساب أو من شدة هول الموقف وطول المُقَامْ في طلب تعجيل المحاسبة والقضاء بين الخلق، أعاننا الله جل علا على شدائد ذلك اليوم، في حديث الشفاعة الطويل المعروف، يأتون آدم ثم قال يأتون نوحا ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ثم محمد صلى الله عليه وسلم.
آدم خَرَجَ لأنه ليس برسول بقي الخمسة لأنهم مرسلون.