للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال بعدها (وَنُؤْمِنُ بِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَهُمْ عَلَيْنَا حَافِظِينَ)


نؤمن أي نُصَدِّقُ ونعتقد وجود الكرام الكاتبين كما أخبرنا ربنا - عز وجل - بذلك وهم الملائكة الذين كَرَّمَهُم الله - عز وجل - بأنواع التكريم، وجعلهم مُوَكَّلين بابن آدم يكتبون عمله؛ ما يصدر منه من قول أو عمل.
فهؤلاء الذين يُقَارِنُونَنَا من الكَتَبَة نؤمن بهم؛ لأنَّ الله - عز وجل - أخبرنا عنهم وأخبرنا عنهم نبينا صلى الله عليه وسلم.
وهذا فرعٌ للإيمان بموجود الملائكة أصلاً، فهذا تبعٌ لركن من أركان الإيمان وهو الإيمان بالملائكة، وقد مَرَّ معنا أنَّ الإيمان بالملائكة له درجتان:
١ - الدرجة الأولى: إيمانٌ واجبٌ وفرض إجمالي وتفصيلي.
٢ - الدرجة الثانية: إيمانٌ بما أخبر الله - عز وجل - مُطلقاً ما علمنا وما لم نعلم، وما جاء في السنة ما علمنا وما لم نعلم، وكل من بلغه شيء وجب عليه الإيمان به.
فالإيمان بالكرام الكاتبين ليس شرطاً في صحة الإيمان، ليس رُكْنَاً في صحة الإيمان بحيث إنَّ من قال ليس ثَمَّ من يكتب من الملائكة، فيُقَال إنه لم يصح إيمانه بل هو كافر، إلَّا إذا عُرِّف بالآيات والأحاديث فأنكر فهنا له حُكْمُ أمثاله من المنكرين ما في الكتاب أو السنة، وإنما الإيمان الذي يتحقق به ركن الإيمان بالملائكة كما ذكرنا لكم، هو أن يؤمن بوجودهم وأنهم يعبدون الله لا يُعْبَدُون.
ثُمَّ الإيمان التفصيلي: فكل من سمع آية أو حديثاً صحيحاً واضحاً فيه الخبر بالغيبيات وجب عليه التصديق بذلك واعتقاد ما دل عليه.
والطحاوي فَرَّقَ الكلام على أركان الإيمان، وكثيرْ من العلماء الذين صَنَّفُوا في العقيدة ما رتَّبُوا الكلام على مسائل الاعتقاد بترتيبٍ منهجي؛ يعني ما جعلوا الكلام على الإيمان بالله وما يتّصل به أولاً ثم بالملائكة ثم بالكتب ثم بالرسل ثم بالقدر ثم باليوم الآخر، ثم انتقلوا إلى القسم الثاني إلى آخره؛ بل فرقوا ذلك.
وهذا راجع إلى ما درجوا عليه من أنَّ المرء يكتب عقيدته بحسب ما يحضُرُهُ من المسائل، ولم يقصدوا فيها الترتيب المنهجي وإلا فمسائل الإيمان بالملائكة الكاتبين أو بملك الموت هذا متصل بإيمان بالملائكة.
وهاهنا مسائل:

<<  <   >  >>