[المسألة الثانية] :
كُتُبُ الله - عز وجل - هي من آياته التي أعطاها الرسول، يعني لأنَّهَا من الوحي.
وموضوعات الكتب مختلفة:
- فمنها ما هو مواعظ ورقائق.
- ومنها ما هو شريعة.
- ومنها ما هو خَبَرْ وأَمْرْ ونَهِيْ -يعني أخبار وإنشاءات وأوامر ونواهي، فهي مختلفة في موضوعاتها.
الأنبياء دينهم واحد وشرائعهم شتى: فمن جهة التوحيد الكتب متفقة، والأنبياء دينهم واحد في توحيد الله - عز وجل -.
واتفاق الكتب والأنبياء في التوحيد يُعْنَى به شيئان:
الأول:
أنّ أَصْلَ التوحيد وهو عبادة الله - عز وجل - وحْدَهُ، ورَدُّ عِبَادَةِ غيره، والكفر بالطاغوت، والبراءة من الشّرك وأهله، هذا قَدْرٌ مشترك في رسالة جميع الأنبياء، قال - عز وجل - {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الممتحنة:٤] ، يعني من المرسلين {إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:٤] ، فهذا قدْرٌ مشترك بين جميع الأنبياء والمرسلين، والكتب دَلَّتْ على هذا وحضَّت عليه وأمرت به.
٢ - الثاني:
هو أصول الإيمان الستة، أركان الإيمان الستة وهي الإيمان بالله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره من الله تعالى، وهذا مُتَّفَقٌ عليه أيضاً بين الأنبياء لا خلاف فيه.
وذلك أنَّ جهة الإيمان بهذه الأشياء الخَبَرْ، والخبر لا يُنْسَخْ ولا يُكْذَبُ فيه والله - عز وجل - إذا أخبر نبياً بشيء من أمر الغيب فهو على ذلك.
فالأنبياء في كتبهم وما أُرْسِلُوا به متفقون على هذين الأصلين العظيمين:
- توحيد الله - عز وجل - على نحو ما ذكرت لك.
- وأمور الغيب الستة هذه، أمور الإيمان الستة.
ولذلك معنى قوله «الدين واحد» يعني هذين الأصلين.
والكتب تختلف في الشرائع:
تختلف في القَصَصْ، ما يُقَصُّ به في كتابٍ يكون مُفَصَّلَاً وكتاب يكون مختصراً.
تختلف في الشرائع والأمْرْ والنَّهْيْ، تكون التوراة شريعتها شديدة وفيها قُوَّةْ في الطَّهَارة وفي الصلاة وفي الجهاد وفي أشياء كثيرة، فهي شريعة فيها الشِدَّة ولا يَصْبِرْ عليها إلا صادق ولذلك ما صَبَرَ عليها بنو إسرائيل.
والإنجيل فيه الرقة والوعد والتسامح وإلى آخره وتحليل بعض ما حَرَّمَ الله - عز وجل - على بني إسرائيل.
يعني أنَّ موضوعات كتب الله - عز وجل - مختلفة، والله سبحانه وتعالى يُوحِي بما يشاء وفق حكمته - عز وجل - وَوِفْقَ ما يريد من عباده سبحانه وتعالى.
فشرائع الأنبياء شتى، والكتب مختلفة باختلاف الشرائع، وأيضاً مختلفة فيما قَصَّ الله - عز وجل - في تلك الكتب لأنَّ القَصَصْ للعبرة والناس يختلفون في الأمم بما يُصلحهم من أمور القصص وما يُحْدِثُ عندهم العبرة.